مؤتمر فيلادلفيا الدولي يناقش مصادر الثقافات الشعبية وأصولها وروافدها

المدينة نيوز – ناقشت الجلسة الثالثة لمؤتمر فيلادلفيا الدولي السادس عشر (الثقافات الشعبية) التي عقدت الثلاثاء مصادر الثقافات الشعبية وأصولها وروافدها.
وحملت الورقة الاولى للجلسة التي قدمها الدكتور محمد جودات من جامعة الحسن الثاني في المغرب عنوان الواقعي والأسطوري في الثقافة الشعبية حيث أكد ان الواقعي والأسطوري في الثقافة الشعبية يتم التعامل معهما غالبا دون محاولة تفكيك اشتغالهما ضمن ميكانيزمات معقدة , وتهدف من خلالها بنية الحكي الشعبي إلى تورية وتمرير كثير من القيم التي تبنيها باعتبار ان الإبداع الشعبي لا يتصف فقط بالإبداعية كما يعتقد كثير من الباحثين بقدر ما يتصف ببناء القيم والتنشئة الاجتماعية وتأثيث الذاكرة الجماعية مع كل ما يحافظ على بقائها واستمرارها.
ومن هنا كما قال كان اهتمام المستعمر بدراسة الموروث الشعبي دون الكتابات الرسمية والعالمة، لأنها مخزون الذاكرة التي تتمرأى من خلالها القيم وطرق التفكير ، ولأنها الكفيلة أساسا أن تكون المدخل الموضوعي لفهم الشعوب المدروسة.
واضاف انه من هذا المنطلق تسعى هذه الدراسة إلى رصد مكونين أساسيين في الأدب الشعبي من خلال نصوص عملية لمحاولة تتبع ميكانيزمات في بناء القيم والذاكرة الجماعية.
وقدم الدكتور أحمد سمير كامل من جامعة حلوان بمصر في الورقة الثانية (أثر الموروث الشعبي النوبي في تأكيد الخصوصية الثقافية ) لمحة عن مفهوم التراث الشعبي وأهميته وإرتباطه ببلاد النوبة المصرية، وإستنباط أهم ملامح الفكر التصميمي التي تميز بها التراث الشعبي النوبي فى مجال التصميم الداخلي.
وأوضح السمات الوظيفية والشكلية والثقافية والبيئية التي أكسبت ذلك الموروث تميزه وأصالته وصموده حتى الآن .
وتضمنت الورقة دراسة تحليلية لأهم المفردات التصميمية والرمزية التي تشكل منها التراث النوبي ومحاولة إعادة صياغتها للحصول على بعض التصميمات المبتكرة ذات الطابع الشعبي والنوبي.
أما الدكتور عاشور سرقمة من جامعة غرداية في الجزائر فقدم ورقة بعنوان الثقافة الشعبية في مناطق الصحراء الجزائرية , وقال انه إذا كانت الثقافة الشعبية هي كل تلك العناصر وأكثر فإن المناطق الصحراوية بالجنوب الجزائري ـ كعينة من الامتداد الصحراوي ـ ما تزال تزخر بكثير منها والتي وصل بعضها إلى العالمية ,كبعض الفنون الشعبية وبعض المعالم الأثرية العمرانية التي صُنِّفت ضمن التراث العالمي، والتي أصبحت قبلةً للعديد من الزائرين الذين أُعجبوا بها .
وأوضح أن هناك بعض المظاهر الشعبية التي ما تزال تنتظر من يُعرِّفُ بها ويوصلها من المحلية إلى العالمية على غرار (الفَقَاقِير) وهي عبارة عن طرق تقليدية تُستعمل في الري والسقي الفلاحي بمنطقة (تَوَاتْ ) وبعض التراث الشعبي الشفهي المروي الذي ما يزال أغلبه محفوظاً في صدور الحُفَّاظ ولم يُدوَّن بعدُ ما يجعله عرضة للضياع والنسيان .
وقالت الدكتورة ريم موسى من جامعة بحر الغزال في السودان في ورقتها مظاهر تأثير الحضارة العربية الإسلامية على التراث السوداني والثقافة الشعبية ان التراث السوداني زاخر بالفنون الشعبية المختلفة والمتنوعة والتي تختلف من منطقة إلى أخرى تبعاً للاختلاف البئيي والقبلي .
واضافت ان هذا التراث تأثر بمظاهر الحضارة الاسلامية بعد دخول الإسلام إلى السودان , وقد تركت هذه الحضارة بصماتها عليه ، وانعكس هذا التأثير في عدة مجالات كالكتـابة والحلي وأدوات الزينة والمصنـوعات والمدن التي توضـح العمارة والأزياءالإسـلامية .
وتحدثت الدكتورة عائشة الدرمكي من الجامعة العربية المفتوحة في سلطنة عمان عن الخطاب الأسطوري لفن النيروز في التراث الثقافي العماني أنموذجاً، مشيرة إلى أن التصور الشعبي للكون من الموضوعات التي تمثل أهمية بالغة في فهم ثقافة الشعوب وفلسفتها خاصة فيما يتعلق برؤى العالم وأنماط التفكير وأنساق المعنى وأشكال التعبير الرمزي والمجازي والدلالات الرمزية للواقع الاجتماعي والأبعاد الرمزية لعملية التغير الثقافي .
واشارت الى ان الإنسان هو الذي يشكل هذا التصور ويصنعه من خلال تواصله مع ذاته ومع الآخر (الإنسان ، والكون) .
وبينت ان الفنون الشعبية كانت واحدة من تلك الأساليب التي اعتمدها الإنسان في التواصل مع ذاته أو مع ما حوله ، وفي أداء تلك الفنون يتخذ أشكالاً وصوراً وحركات وأصوات ورموزاً ذات دلالات وأبعاد ثقافية واجتماعية، تشكل كلها مجتمعة لوحة أسطورية (بالمعنى الدلالي) ذات رموز دلالية تواصلية .
فيما قدم الدكتور منير البصركي من جامعة القاضي عياض من المغرب لمحة عن (مصادر الثقافة الشعبية في المغرب: رصيد غني ومتنوع) أكد خلالها أن المغرب كباقي الدول العربية والإسلامية يتمتع برصيد هائل مـن مكونات الثقافة الشعبية، وله خصوصيات وهي تعزى إلى تعدد البيئات.
ولفت إلى اننا مطالبون ، ونحن ندرس الثقافة الشعبية في مختلف ألوانها وأشكالها، أن نتعرف على الرصيد الغني والمتنوع من مصادر هذه الثقافة التي تعكس لنا كل المظاهر الحية لحياة الشعب المغربي ومعرفة أساليبها وأنماطها، حتى لا تضيع هذه الثقافة ومصادرها بحجة التطوير والجري وراء كل جديد مستحدث.(بترا)