إسرائيل تحت الحصار!

- نعم هذا هو العنوان الذي وضعته مجلة فورين أفيرز على غلافها ليلخص بحثين منشـورين في عددها الأخيـر يطرحان وجهتي نظر متناقضتين فالأول يحاول إثبات أن المشكلة هي الرفض الفلسطيني، ويرد الثاني بأن المشكلة هي الاحتلال.
كتب البحث الأول، مسؤولان إسرائيليان، أحدهما يعمل في وزارة الشؤون الإستراتيجية، والثاني في وزارة الدفـاع، وهما يريان أن المشكلة تكمن في سياسة الرفض الفلسـطينية، وعنوانه الفرعي لماذا يجب على السـلطة الفلسطينية أن تعترف بيهودية الدولـة.
أما الباحث الأكاديمي رونالد كيربز فقـد كتب بعنوان عقليـة القلعـة الإسرائيلية، وعنـوان فرعي كيف يدمر الاحتلال روح الشـعب، وهو أسـتاذ العلوم السياسية في جامعة مينوسوتا، ولم يتسـنَ معرفة ما إذا كان يهودياً لكي يستطيع نشر نقـد لإسرائيل كما فعل.
فورين أفيرز مجلة راقية تعتبر أكثر الدوريات نفـوذاً عند صناع القرار الأميركي، وهي تصدر عن مجلس الشؤون الخارجية في نيويورك، الواقع تحت السيطرة اليهودية كغيره من مراكز البحـث الأميركية. وقد امتلك المحـرر من الأعصاب ما سـمح لها بوضع البحثين المشار إليهما تحت عنـوان كلي هـو إسرائيل تحت الحصار.
من الذي يحاصر إسرائيل، هل هو شعب غزة مثلاً؟ وإذا كانت إسرائيل تحت الحصار فماذا يقول شـعب الضفة الغربية وقطاع غزة، من يحاصر من؟.
يبدو أن إسرائيل، وإن كانت هي التي تحتل وتحاصر شعباً بأكمله، تشعر في قرارة نفسها بأنها محاصرة أخلاقياً، ومع أنها تهدد أمن الدول العربية المحيطة بها وتحتل أجزاء من أراضيها، فإنها تشعر بان أمنها مهدد، وحتى عندما تنتصر عسكرياً تشعر بالهزيمة.
وقد لاحظ باحث بأن يهـود إسرائيل أكثرية عددية ولكنهم يملكون عقلية الأقليـة في حين أن الفلسطينيين في إسرائيل أقليـة ولكنها تملك شعور الأكثرية. إنها ظاهرة غريبة تستحق البحث والتحليـل.
الاحتلال الإسرائيلي لأراضي الفلسطينيين يدمرها مادياً ولكنه في الوقت نفسه يدمر إسرائيل أخلاقياً وروحياً، فالفلسطيني تحت الاحتلال يعرف أن المستقبل سيأتي بالاستقلال فماذا يعرف الإسرائيلي المحتل عن المستقبل غير الانسحاب والاندحار.
إسرائيل تحت الحصار فعلاً، ولكنه حصار يفرضه الاحتلال الظالم وعقلية القلعـة المغلقة التي تخاف من السـلام أكثر مما تخاف من الحرب. (الراي\\)