رئيس جنوب السودان في (إسرائيل)

- زار "سالفاكير" رئيس جنوب السودان الكيان الصهيوني زيارة رسمية لها دلالاتها ومضامينها وآثارها, وقد وصف الرئيس الزيارة بأنّها تاريخية وأنّها لرد الجميل للكيان الصهيوني الذي دعم انشاء هذه الدولة الوليدة قائلا:"بدونكم ما كنا لنكون موجودين, قاتلتم معنا للسماح بإنشاء جمهورية جنوب السودان", كما اعرب الرئيس عن امله بتوثيق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وتوسيع التعاون في مختلف المجالات الحيوية.
لقد كان الدور الصهيوني واضحاً وجلياً في حرب جنوب السودان منذ عقود طويلة, كما كانت المعلومات المنشورة تشير الى العلاقات الوثيقة التي تربط (جون قرنق) الزعيم الاول الراحل الذي قاد التمرد في الجنوب على الحكومة المركزية بالكيان الصهيوني, وهذا جزء من المخطط الصهيوني الامريكي القديم الذي يقوم على اشاعة التجزئة وبذر بذور الفرقة, وإثارة النزاعات العرقية والدينية في دول العالم العربي والاسلامي.
لقد دفعت حكومة شمال السودان ثمناً باهظاً لن يتوقف عند حد عندما وافقت على السير بإجراءات الاستفتاء المفضي حتماً الى التقسيم, وكانت تتوقع انّه سوف يجلب الامن والاستقرار الى بقية اجزاء السودان, بل من المتوقع انّ نجاح تجربة تقسيم السودان سوف تغري الامريكان والصهاينة بمزيد من التقسيم للجسم المتبقي من الدولة السودانية, ولم يتوقف الامر عند التقسيم والتجزئة, بل يتعدى الامر الى انشاء كيانات جديدة معادية لجسم الامّة بأكملها; ليكون الارتباط الوثيق مع الكيان الصهيوني الذي يشكل رأس رمح صليبي صهيوني عدواني خبيث يشق الوطن العربي والامّة العربية بأكملها.
الاحتلال الامريكي يغادر العراق, بعد ان حولها الى كيان طائفي من الدرجة الاولى, ليشكل بؤرة احتراب مذهبي طائفي في العمق الاستراتيجي للمشرق العربي, ويشكل بؤرة تحالف مع اعداء الامّة الذين يتآمرون على اضعافها وتمزيقها.
لذلك ينبغي على الشعوب العربية ان تدرك خطورة المعركة وشمولها وميادينها الواسعة, مما يجعلنا نؤكد انّ النظام العربي الرسمي, الذي غرق في وحل الاستبداد والفساد, واستمرأ الفرقة والشرذمة هو المسؤول عمّا الت اليه الامور من الضعف والخور والاستسلام, عندما تمّ ابعاد الشعوب العربية عن المشاركة في السلطة, والمشاركة في القرار والمشاركة في الاعمار, وتمّ سلبها حقها في تقرير مصيرها, فأصبحت الانظمة في صف اعداء الامّة من حيث يحتسبون.
ليس الحل بالاستسلام لانظمة الفساد والاستبداد التي ضيعت الامانة وفرطت بالقوة, وحالت دون الوحدة, بحجة او تحت ستار التخويف من المخطط الامريكي الصهيوني, لانّه باختصار ما كان لهذا المخطط الامريكي الصهيوني ان ينجح الا في ظلّ عجز هذه الانظمة وفي ظلّ فقدانها الشرعية بكاملها.
ومرةّ اخرى, لا بد من مواصلة الانتفاضة الشعبية العربية الكبرى, من اجل مواصلة عملية الاصلاح الداخلي الذاتي التي تتمحور بإعادة دور الشعوب بالحكم والسلطة والرقابة والمحاسبة والمشاركة في صناعة القرار, من اجل الاستمرار في بقية الخطوات الاستراتيجية وأهمّها التقدم نحو بناء الوحدة العربية المتكاملة بين الاقطار العربية; لتعيد بناء قوتها وتمتين اواصر الوحدة, ولذلك فإنّ معركة الشعوب العربية لم ولن تنتهي باسقاط رموز الاستبداد فقط, بل يعد ذلك الفصل الاول في المعركة طويلة الامد في البناء والوحدة, ومعركة البناء تحتاج لوقتٍ اكبر بكثير من معركة الهدم.
الامّة العربية امام فرصة حقيقية لاعادة ترتيب نفسها والتخلص من ارث صنّاع الهزائم, لكن بكلّ تأكيد هذه الفرصة محاطة بكمٍ كبير من المخاطر والتحديات, ولن تكون معركة البناء على طبق من ذهب, وإنّما تحتاج الى جهودٍ وتضحيات هائلة وبمشاركة كلّ اصحاب الفكر والرأي والجهد الفاعل المخلص لبلورة المشروع العربي النهضوي الوحدوي الكبير القادر على الوقوف في مواجهة المخططات الدولية الكبرى.(العرب اليوم )