عملية جراحية لمحاربة الفساد..كيف؟

- أحذر من الاعراض الجانبية وامتدادها في محاربة الفساد، واحذر من عدم مهارة الجراحين التي قد تؤدي الى نزيف أو ضرب الجسم المقصود معالجته بالجراحة..
هناك عملية هجوم على المبادرة الاقتصادية وخلط حابل المستثمرين المخلصين وخاصة العرب وتحديداً العراقيين بنابل الحالة الاردنية..أشعر بالضيق من تقويض مناخ الاستثمار والاستعداء عليه وحشر الجميع في مربع الاتهامية والفساد والقيام بقصف عشوائي يصيب الابرياء الى جانب المتهمين والمتورطين..
الفاسدون لهم مصلحة في تعميم الفساد وتوسعة مناخاته ليشمل الجميع لانهم سيكونون في هذه الحالة الاكثر قدرة على النجاة وتخليص انفسهم..
كنت أتمنى أن تأتي موجة محاربة الفساد ضمن صيغة وطنية وبنية تشريعية أكثر تماسكاً وفي اطار مستكمل من الاصلاح السياسي..محاربة الفساد حتى تنجح لا بد أن تتم في اطار الاصلاح السياسي واستكمال بناءاته والا من الذي سيحاسب الفاسدين وما هي مرجعياته لذلك وهل ستجري حرب الفساد باستعمال نفس الادوات القديمة التي ادت الى تكاثر وخصوبة مكونات الفساد..
لو أننا أنجزنا اصلاحاً سياسياً مناسباً وشاملاً وعميقاً شمل كل البنية التشريعية وكان عندنا قانون انتخاب وأحزاب لائقين لكنا الان أمام برلمان قوي ولكنا امتلكنا الحالة المؤسسية التي تحمي الدولة وتمنع اي استقواء عليها وستكون مهمة الدولة حماية الدستور والقوانين وتعظيم تطبيقها ومنع تجاوزاتها ..
نحن الان نريد خوض معارك ضد الفساد الا إن كثيراً من الحالات في محاربة الفساد تتسرب للاستقواء بغير القانون من أشكال اجتماعية جهوية أو عشائرية أو صيغ أخرى تمتلك النفوذ..
هناك عمليات ابتزاز للدولة ولرجال الاعمال والمستثمرين والاقتصاديين وهناك حالة ترويع وتخويف لهؤلاء مما قد يدفعهم لوقف مشاريعهم واستثماراتهم والهروب بها للخارج حيث يتوقف ابتزازهم.
هل نواصل اسلوب المناشدة في التوقف عن هذه الاساليب..أم ماذا؟ من يطمئن المستثمرين والاقتصاديين ورجال الاعمال انهم ليسوا مستهدفين؟..طالما انهم ليسوا متورطين في فساد!.. وكيف يمكن فهم ان من يستدعى ليس بالضرورة أن يكون فاسداً أو مداناً..فالأصل هو البراءة وليس الاتهام والا دمرنا انفسنا بأنفسنا وثقبنا سفينتنا وتحولنا الى مجموعات من المشتكين او الباحثين عن ضحايا أو أكباش فداء لنسد بهم غضبنا ونحملهم مسؤولية ما يحدث لنا..
قد يكون من المناسب السكوت على جريمة اذا كانت النتيجة ادانة بريء او ايقاع العقوبة عليه..والا فإن عكس ذلك هو الجريمة بعينها ادعو لبلدنا بالسلامة فهذه العملية الجراحية في محاربة الفساد تحتاج الى تشخيص دقيق والى جراحين مهرة والا نكون بدأنا مرحلة لا نستطيع ان نعرف ما بعدها والى ماذا ستفضي ونكون قد أدخلنا المريض الى غرفة عمليات لا تتوفر فيها شروط السلامة فالمساءلة الطبية توازيها في محاربة الفساد مساءلات قانونية واجتماعية ووطنية وانسانية.
لتكن معالجتنا للفساد وسيلتنا لبناء بلدنا والمحافظة على أمنه واستقراره وليس اي ظواهر أخرى خطيرة يمكن ان تتضاعف ابرزها هروب المستثمرين وفقدان الثقة بالاقتصاد الوطني.. (الراي )