بريطانيا تحاور حزب الله .. ماذا عن حماس؟
كشفت الخارجية البريطانية عن نيتها استئناف الحوار مع حزب الله ، وأدرجت لذلك جملة أسباب ، بعضها قيل صراحة وعلنا ورسميا ، وبعضها الآخر اندرج في سياق التأويل والتفسير والتسريب ، وبعد البحث في أسباب القرار البريطاني والتمحيص في دوافعه ، لم أجد سببا واحدا يجعل حماس حالة مختلفة ، ويمنع الانفتاح البريطاني عليها أو التحاور معها.
تقول الرواية البريطانية المفسرة للقرار المفاجئ: أن حزب الله جنح للمشاركة في الحكومة وأنه جزء من العملية الديمقراطية اللبنانية ، دخل الانتخابات وهو يمثل فئة من اللبنانيين في البرلمان اللبناني.
حماس أيضا جنحت للمشاركة في النظام السياسي الفلسطيني ، وهي جزء من العملية الديمقراطية الفلسطينية ، خاضتها بقوة في انتخابات 2006 ، وهي تمثل الغالبية الساحقة من الشعب الفلسطيني في المجلس التشريعي الفلسطيني المنبثق عن انتخابات حرة وشفافة ونزيهة ، بصرف النظر عن الدوافع التصويتية للناخب الفلسطيني ، وما إذا كان قد صوّت لحماس حبا بها أو نكاية بفتح ، فهذا ديدن الانتخابات البرلمانية في مختلف دول العالم.
الحوار مع حزب الله جاء بعد قيام حكومة الوحدة الوطنية (بالثلث المعطل) ، ومن شأنه وفقا لما تقول الرواية البريطانية ، تعزيز مسيرة السلم الأهلي والاستقرار في لبنان ، فضلا عن تطوير مسيرة تحوّله الديمقراطي ، فهل ثمة مبررات أفضل من هذه للقول بضرورة فتح صفحة من الحوار مع حماس ، واتباع سياسة الاحتواء والادماج معها ، بدلا عن الإقصاء والعزل والحصار ، هل ننتظر حوارا بين بريطانيا وحماس ، إن انتهى حوار القاهرة ولجانه الخمس إلى اتفاق على حكومة وحدة وطنية فلسطينية ، وهل ستقول الخارجية البريطانية أن قرارها بالحوار مع حماس ، يأتي لتعزيز التطورات الإيجابية على الساحة الفلسطينية كذلك؟
تضيف الرواية البريطانية ، أن الحوار مع حزب الله ، قد يساعد في إبعاد حزب الله (الشيعي) عن إيران ، حاضرة الشيعية ومركزها ، ولا أدري بأي طريق ، غير الحوار يمكن إبعاد حماس (السنيّة) مركز الشيعية الدولية وحاضرتها ، لا أدري من هم أجدى بالحوار وأجدر به ، قادة حزب الله شديد الارتباط بإيران فكريا ومذهبيا وسياسيا ، أم قادة حماس الإخوانيون والسنيّون؟
لا يعترف حزب الله بإسرائيل ، وهو لا يكف عن التبشير بزوالها السريع ، وهو لا ينبذ العنف ، بل يدعو للمقاومة ليل نهار، يرمز لها ويقود ما يسمى تيار المقاومة والممانعة على المستوى الشعبي، هو يرفض عملية السلام والاتفاقيات والمعاهدات التي أبرمت في سياقها ، ويرى الجهاد طريقا للتحرير ، وليس مائدة المفاوضات ، أي أن كل شروط الرباعية الدولية التي كبّلت حماس والمجتمع الدولي على حد سواء ، تنطبق على حزب الله تماما ، ولا يشذ عن شرط واحد منها ، ومع ذلك لا تجد بريطانيا العظمى غضاضة في تقرير استئناف الحواب مع حزب الله ، وتبقي الحظر على حماس وتصر على قبل الحركة بها، أولا وقبل أي شيء آخر.
نرحب بالقرار البريطاني ، ونعتبره خطوة في الاتجاه الصحيح ، وإن كانت ناقصة ومشوبة بالمعايير المزدوجة ، بيد أننا نأمل - ولا نستبعد - أن تتشجع الدبلوماسية البريطانية مع بدء حوارها مع حزب الله ، فتقرر حوارا مماثلا مع حركة حماس ، من دون انتقائية ولا تأخير؟
الدستور