قصة في الدوحة
الاجواء هنا في الدوحة ، باردة ورطبة ، واذا كانت هذه هي حالة الطقس الجوي فان الطقس السياسي يشي بمفاجآت عديدة ، في ظل وصول وزراء الخارجية العرب ، الذين يمهدون لاجتماعات القادة العرب في قمة الدوحة العربية.
التساؤلات بشأن القمة تتعلق بهل ستشارك ايران على مستوى الرئيس الايراني ، وهل ستشارك دول الخليج على مستوى قياداتها اذا شاركت ايران ، وهل سيصل الرئيس البشير الى الدوحة للمشاركة في القمة العربية ام انه مهد مسبقا لغيابه بالحصول على فتوى تمنع السفر ، لكنه كسرها باتجاهات قريبة ، نحو مصر وليبيا، وسيعود اليها في وقت لاحق لاحق للاستفادة من الفتوى بعدم الحضور ثم التساؤلات حول مشاركة الرئيس المصري ، في القمة ، خصوصا ، ان لا مؤشرات على تصافي مصري قطري حتى الان.
اجواء القمة ، تشبه اجواء اي قمة عربية ، من حيث الاستعدادات وبدء وصول الطواقم المرافقة للوفود العربية ، وحين اضيع امس ، بحثا عن الفندق الذي اسكنه ، واضطر للاستعانة بسائق هندي يقود "بكبا" لكنه يزيد من ضياعي ، بدلا من اختصار الوقت ، فأتذكر العالم العربي ، الذي يتوه بحثا عن حلوله فلا يجدها، ولا يحل مشكلتي سوى سائق عربي يقود سيارته الخاصة ، ويستفيد منها ايام الجمع ، فيأخذني الى مقر الفندق، بعد ان جف ريقي ، ويسألني كحال كل العرب ، هل ستكون هذه القمة مختلفة عن سابقاتها ، فأؤكد له انني لااعرف الجواب ، فجميع القمم العربية السابقة التي حضرتها ، كانت تفضي تقريبا الى ذات النتائج، دون ان يحدث تغيير في العمل العربي ، وهذا يفسر المعلومات التي تشير الى مشروع تتبناه بعض الاطراف العربية ، لخلق مصالحات حقيقية في هذه القمة اذا قدر لهذه الجهود ان تنجح.
مساء اليوم السبت تتسرب المعلومات شبه النهائية حول عدد الزعماء العرب الذين سيحضرون القمة العربية في الدوحة ، ومن سيغيب ، والمعلومات الراشحة تشير الى غياب متوقع لقادة عرب اعتادوا على الغياب، والى احتمال غياب اخرين ، والساعات الاخيرة من مساء اليوم ، سترسم تقريبا ، شكل القمة ، ومستوى تمثيلها ، وعلى حد تعبير احد الدبلوماسيين العرب ، فان المهم هو مواجهه ملفات خطيرة جدا ، هذه المرة، اقلها المطالبة برأس البشير ، الذي دعته الدوحة مرتين ، ولا يعرف احد اذا ما كان قادرا على عبور البحر الاحمر للوصول الى الدوحة.
حضرت قمم عربية واسلامية ، عديدة ، وكان لافتا للانتباه دوما ان القمم تنتهي تأثيراتها بمجرد مغادرة القادة العرب ، ولا تتم متابعة كثير من القضايا ، وتبقى القرارات حبرا على ورق ، حتى ان صحفيين يتشاطرون بنسخ قرارات القمم السابقة والانفراد بها ، بأعتبارها قرارات القمة اللاحقة ، فلا احد يقرأ ، ما بين السطور، وفي كل الحالات ، فان لا احد يريد للعمل العربي المشترك ان يتحول الى استنساخ ، لا يريده اي عربي، على طريقة السائق الذي قال لي في الدوحة ، حين شاهد حدتي مع زميل اخر ، تاه معي ، وعلق قائلا "اذا كنتما مع بعضكما البعض وغير متفقين ، فكيف سيتفق العرب اذن". وهو سؤال ذكي صادني بدلالاته ، من حيث لا احتسب.
بين برودة الجو ورطوبته ، تشتد الحاجة الى حسم المشهد العربي بكل تفاصيله.
الدستور