نغضب ونتصدى تعظيما للحسين وليس لاهمية هيكل

تم نشره الأحد 29 آذار / مارس 2009 01:49 مساءً
نصوح المجالي

مع احترامنا لرأي من اجتهدوا بأن هيكل لا يستحق كل هذه الضجة، فإن الحسين وارثه وتاريخه فينا، وانجازه لبلده، يستحق غضب الشعب والدولة الاردنية، لاستهداف باني نهضتنا الحديثة ورمزاً من اعز رموزنا الوطنية والقومية.

وعلينا ان نرد على جميع مستويات الرد، لتثبيت الحقائق في تاريخنا، عبر المختصين والسياسيين والمؤرخين الذين اطلعوا على الحقائق والوثائق والاحداث، وعبر وسائل الاعلام لأن الامر تكرر غير مرة وبقصد سيء من نفس المصدر، وقد يتكرر من نفس مصادر الاساءة والتشهير، هيكل والجزيرة، وقد يشجع ذلك غيرهم ممن لديهم غصة من احداث الماضي أو من لديهم بقية من احباطات الحقب التاريخية، التي كان الحسين أحد نجومها وأحد القادة المؤثرين فيها.

وعلينا ان ندرك ان اذاعة برنامج صمّم ووقـّت للاساءة للحسين والقيادة الهاشمية سبق ان اذيع من نفس الفضائية قبل عامين وفي هذا التوقيت، قبيل مؤتمر القمة العربية لم يأت عبثاً ولا مصادفة، وأن الاردن ودوره ونظامه وتاريخه موضع استهداف وان القصد استدراج رد فعل اردني، يحد من حضور الاردن في القمة العربية المقبلة التي تنعقد على خلفية سياسية خلافية في الوطن العربي، ومصالحة عربية لا يريد لها البعض ان تكون كاملة وناجزة.

فاصحاب المكان هم اصحاب الفضائية، وقلما يفلت اداء اعلامي من تلك الساحة بدون علم اهلها، ومن نهن عليه لا يمكن ان يعلو في انظارنا، وإن كنا نقدر ونراعي اعتبارات اجواء المصالحة العربية التي لم يحترمها الاعلام الصادر من تلك الساحة، فتصعيد الاساءة لدولة عربية ونظام عربي وشعب عربي كالاردن بدون مناسبة وبدون مبرر، وفي توقيت يلقي بالشبهة على اهداف من قصدوا استهداف الاردن في هذا الوقـت، لا ينسجم مع ما نسمعه من حرص البعض على المصالحة العربية، ولو نشرت الحقائق عن الادوار ودور بعض الساحات في خدمة القوى التي تخترق الساحة العربية والتي توظف لتفتيت الصف العربي، او النيل من ساحات عربية سقطت تحت وقع الاستهداف والغزو، ولو كشفت حجم الخدمات التي تقدم للغزاة واعداء الامة من اطراف شتى على ساحتنا العربية لتلمس المدعون على الاردن رؤوسهم قبل ان يتطاولوا على الاردن.

فإرث الحسين ودوره الفاعل في أمته، خط احمر، يصيب كل من يتناوله بسوء نية، ضمائرنا ودورنا ووجودنا لأننا عشنا عهد الحسين بكل تفاصيله ودقائقه ولأننا جميعاً في الساحة السياسية الاردنية، الاجيال التي عايشته والاجيال الطالعة جزء من انجاز ذلك العهد وارثه وثمراته وما زالت بصمات الحسين وعهده في صميم وجودنا وحياتنا.

فوخزها يستهدفنا، خاصة وأن من يستهدفوننا اما من الغارقين حتى اذانهم في ارث الهزيمة التي اثقلت واربكت اجتهادات اصحابها حياة الامة، طيلة العقود الاربعة الماضية وأدت الى الهزيمة، واضعاف مركز الامة ومكانتها مما سمح بتصعيد دور قوى هامشية في ساحة الامة، لم يعرف لها دور تاريخي من قبل، لتتوهم انها قادرة على لعب دور المركز في الامة، يساعدها في ذلك منابر دعاية مشبوهة، واقلام وأصوات اولئك الذين طالما كانوا جزءاً من حركة التضليل السياسي والاعلامي الذي قاد للمغامرات السياسية والفرقة التي هزمت الامة واعجزتها، او اولئك الذين تخرجوا من منابر الاستعمار الاعلامية العريقة المعروفة في منطقتنا.

نغضب ان لم يقطع دابر وألسنة من يعتقدون ان حيطاننا الاردنية واطية، وانهم آمنون اذا استهدفونا بالسوء، فهناك اجيال شابة تشكل ثلثي شعبنا، واجيال عربية اخرى صاعدة تعتمد في وعيها وفهمها للاحداث على ما تذيعه وسائل الاعلام بدون تدقيق او تفريق بين الدعاية السياسية المفرطة، التي تلوي الحقائق وتوظفها لاغراض الهجاء والمناكفة السياسية، ودون ان تدرك أو تطلع على حقائق المراحل السابقة او تطلع على حقيقة الادوار والاحداث التي يتناولها البعض بخفة وسوء نية بهدف توزيع الانطباعات وتسديد الفواتير السياسية القديمة.

لقد استهدف اركان ذلك العهد الذي قاد الى الهزيمة طوال عقدين جميع دول المنطقة العربية بدون استثناء، سواء باقلامهم أو سوء اقلام منظريهم، أو اعوانهم ممن تآمروا معهم لاحداث الانقلابات وتغيير الاوضاع في الساحة العربية. فقلبوا الاوضاع في العراق الذي آل وضعه بالنتيجة لما نراه اليوم، واحدثوا أول انقسام وفتنة في ساحة لبنان، التي اذهبت سلام لبنان الداخلي من ذلك العهد وحتى اليوم.

واستخفوا بسوريا التي ألغت كيانها من اجل الوحدة وبدل أن يجعلوا منها نواة وشريكاً في وحدة قومية متكافئة، الحقوها بمكاتب استخباراتهم، وامعنوا في الغاء مؤسساتها وكيانها الوطني وحضورها مما فك الوحدة وشنوا حرب تشهير على السعودية حرمت الساحة العربية من تكامل مصادر قوتها، ثم عادوا في حرب رمضان واعترفوا للسعودية بالفضل، عندما سخرت قواها ونفوذها ومكانتها النفطية لوقف العدوان عنهم.

لقد نجحوا في قلب اوضاع وساحات في الوطن العربي ما زالت تسير على مثالهم، ولكنهم واجهوا قيادة صلبة في الاردن التف شعبها حولها في الاردن، فكان ابتلاع الاردن وقلب اوضاعه امراً عصياً عليهم وشوكة في حلق مشروعهم الذي استهدف الساحات العربية، وقسمها الى ساحات وطنية واخرى غير وطنية وقسمها بين ثوار وخونة.

ومن هنا تأتي كل هذه المرارة في حلق هيكل ومن هم على شاكلته لانهم لم يستوعبوا كيف يستطيع ملك هاشمي اردني مثل الحسين، ودولة صغيرة الحجم قليلة الامكانات والموارد مثل الاردن يتوهموا ان ابتلاعها والسيطرة عليها امر يسير واعتبروها اضعف الحلقات في طريقهم، فاذا هي تعجزهم وتخيب ظنهم وتبقى عصية على اطماعهم.

ولهذا يسترجعون مرارة فشلهم كلما ذكر الاردن او كلما تذكروا عجزهم امام صموده الذي ظل عصياً عليهم ويستغربون احترام العالم لدور الاردن وقيادته واقرار المجتمع الدولي بدور قيادته وحكمته في المنطقة والعالم.

ومن هنا نفهم الطريقة المشينة التي شارك هيكل شعبنا فيها العزاء عند وفاة الحسين، اذ استكبر واستنكر ان يتعامل العالم بهذا الاحترام العالي والتكريم غير المسبوق في منطقتنا، فبادر بالشتم والاعتراض على هذا التقدير خلافاً لما يقره العالم وتجمع عليه الامم، فلم يحترم هيكل حرمة الموت وحرمة قائد وملك مثل الحسين لا يطال هيكل وامثاله في ذروة حياتهم قدر ذرة من تراب قبورهم.

ولهذا نغضب ليس لقدر هيكل وتأثيره الاعلامي ولكن لقدر الحسين ومكانته ودور الهاشميين في قيادة مسيرتنا وبناء بلدنا.

ونغضب ان يقال لنا لا يستحق الامر وان نغض الطرف حتى يمر الامر لأن الامر اذا ما مر بدون رد وتوضيح وتفنيد على جميع مستويات الرد قد يستقر في اذهان الاجيال التي لم تعاصر الاحداث التي تتأثر برواية السوء، ونكون جزءاً من السكوت على ذلك السوء وهو ما لا يرضاه شعبنا الذي يدين للحسين العظيم بكل ما تأتى له من امان وانجاز وحضور في امتنا العربية، فالحسين الذي لم يفرط بأي حق عربي او اردني قاد الاردن وسط العواصف التي لم تهدأ من حولنا، ووسط التآمر الذي استهدفنا وما زال يستهدفنا حتى اليوم، وحفظ بلدنا وشعبنا وجنبنا ما اصاب غيرنا من آلام وويلات.


الراي



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات