المكبوت غير السياسي!!

تم نشره الأربعاء 04 نيسان / أبريل 2012 01:41 مساءً
المكبوت غير السياسي!!
خيري منصور

هل يمكن اعتبار كل ما اقترن بالحراك الشعبي او اعقبه من اغتصاب وسطو وتجاوز لكل الخطوط الحمر مجرد اعراض جانبية تزول فور عودة الامور الى نصابها؟ ام ان هناك اختزالا أدمنه من تصوروا ان الانسان حيوان سياسي فقط، فلم يقرأوا من جبل الجليد الغاطس الا قمته او ما نتأ عنه.

لنعترف اولا، بان المكبوتات المزمنة والتي هجعت زمنا طويلا في باطن النفس العربية، ليست سياسية فقط، ومنها الاقتصادي والجسدي والتربوي اضافة الى الطبقي، ويبدو ان الشعوب قد استهلمت من خالقها حكمة الامهال وليس الاهمال، لهذا فهي تختزن الالم وتُراكِم ما يتفاقم لديها من الشقاء ليكون الانفجار زلزاليا ويصعب تقنينه او وضع حد سريع له، فالامر ليس سهلا بحيث يختصر في معادلة الحكم، لان مصادر الاحساس بالظلم عديدة، ومنها ما هو اجتماعي بامتياز، خصوصا في مجتمعات لعب الزجر فيها دور البطولة ولم تكن مصطلحات من طراز الصفح والتسامح واعتبار الاعتراف بالخطأ فضيلة الا مجرد جوقة من الكومبارس اللغوي سرعان ما تختفي ليحل مكانها الزجر والعقاب على الصدق ومكافأة النفاق والكذب.

ما يحدث خلال الحراكات الشعبية يتيح لكل المكبوتات ان تتزامن في الاندلاع.

بحيث تضيع الحدود بين الظلم السياسي وهاجس الحرية وبين الظلم الاجتماعي وهاجس الرغيف او الجسد.

ومجتمعنا العربي الذي تحول الى مجتمعات مثلما تحول الشعب الواحد الى شعوب بفضل ثقافة الخصخصة القومية والانكفاء القطري على الذات عانى لقرون وليس لعقود فقط من العسف وتراكم المكبوتات على اختلاف اشكالها، لهذا ما ان يختفي الامن من الشوارع ومن وعي الناس ايضا حتى يصبح كل شيء مباحا ومتاحا، وتبدأ تصفية الحسابات، ما دام هناك مشجب سياسي يمكن تعليق كل شيء عليه، لهذا قيل ذات يوم كم من الجرائم ارتكبت باسمك ايتها الحرية، ونستطيع ان نضيف كم من الطغيان ارتكب باسمك ايتها الديمقراطية، التي اصبحت مثل الاله جودو في مسرحية بيكت، تجيء ولا تجيء واحيانا تطل من وراء الكواليس لتعتذر وتقول بأنها لن تأتي!

قد يكون من أعسر اللحظات على من يتصدون لتحليل ظواهر اجتماعية ذات قشرة سياسية أن يجدوا أنفسهم محاصرين بنوعين من الارهاب، ارهاب سياسي وآخر اجتماعي، فمن عوقبوا من المثقفين على حرية التفكير وتعرضوا لتكفير وتخويف وتحريم وطولبوا بالانفصال عن زوجاتهم لم يكونوا ناطقين باسم نظام سياسي ديكتاتوري، أو من المدافعين عن سلطة غاشمة، ومن عاقبهم هو المجتمع أولاً بدءاً من الشارع الذي غالبا ما أساء فهم أطروحاتهم بسبب هيمنة ثقافة الاشاعة والاستعداء والتحريض.

لقد أسقطت نظم وخلع رؤساء، لكن الامر لم ينته بعد، والاسلحة التي استخدمت ضد تلك النظم تستخدم الآن في ما يشبه الحروب الاهلية، وهذا ما نعنيه بضرورة البحث عن جذور هذا العنف وهذه القسوة المتبادلة.

نشر مؤخراً أن مجرماً اغتصب أكثر من مئة طفلة وصبية أصغرهن في الثامنة من عمرها، فهل تكتفي بالقول انه من رجال وعصابة نظام غارب ورئيس مخلوع.

كم من الكبت ومن التعفن النفسي وطاقة العدوان تراكم لدى هذا العربي خلال قرون من الاستنقاع والتأجيل؟؟ (الدستور)
 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات