الحقائق في مكان آخر

تم نشره الثلاثاء 31st آذار / مارس 2009 03:40 مساءً
عبد الوهاب بدرخان

لا يزال العرب قادرين على الالتقاء في مؤتمر قمة، هذه ليست إعجوبة ولا إعجازاً، الأعجوبة أن يتمكنوا دائماً في هذه القمم من أداء السيناريوهات ذاتها، تكراراً، سواء كانت القضية جديدة أو مزمنة، مذهلون حقاً، في ما يصرحون وبالأخص في ما يكتمون، حتى كأنهم يقرأون في كتاب مفتوح، ومنذ انتفت القدرة على الفعل والتأثير والتغيير، تساوت القضايا فلم تعد أي منها أكثر أو أقل خطراً - مصيرية، محورية أو جوهرية، طالما أن رأسمال أي قضية شيء من التمرين على الصياغة وطبخ المصطلحات وتسطيحها ليصدر في النهاية بيان يريد أن يقول إن هناك قاسماً مشتركاً هو هذا، وهو ما يفترض أنه يوجد في ما بينهم ثم ماذا؟ لا أحد يرغب في أن يعرف.

 

القمة هي المشهد ، السياسات في مكان آخر، كذلك الحقائق إحداها، مثلا، حقيقة أن المصالحات ممكنة وهي ممكنة فعلا، لكنها يجب أن تتم مع الأطراف المعنية حقاً، ومنها تحديداً إيران فهي تحاول منذ وقت اقناع من يلزم من العرب بجدوى التفاهم معها ليصبح كل شيء ممكناً عربياً.

 

 

من تلك الحقائق أيضاً أن يُستجلس الفلسطينيون في قاعة ليتحاوروا، وبالتالي ليتفقوا، باعتبار أنهم اتعظوا بدروس خلافاتهم ،  بديهي أن بينهم تعارضات يمكن أن تدعى موضوعية ، غير البديهي الاعتقاد بأنهم يملكون إمكان التوافق والتصالح ،  الحقيقة في مكان آخر ، ولّى الزمن الذي كان الفلسطينيون فيه هم الذين يسعون ويلحون ويضغطون ليبقى هناك توافق وتضامن عربيان، ففيهما مصلحة أكيدة لهم ، كانوا يفعلون ذلك فيما كانوا يعلمون أن الأنظمة والحكومات العربية تتصارع بهم وعليهم ، لكن اللاعب الفلسطيني الأهم اليوم أضحى إسرائيل أو إيران. لم يعد العرب يملكون أكثر من الأسف والتمنيات ، صحيح أنهم يتعجلون المصالحة الفلسطينية، صحيح أن مصر تبذل ما في وسعها، لكنها كلما نشطت كلما وجدت أنها تنفخ في قربة مثقوبة، فأي مصالحة تنجزها، إذا انجزتها، مرشحة لأن تكون في مهب الصراعات الإسرائيلية - الإيرانية إذ لا حصانة عربية لها.

 

 

إلى دارفور، إذاً حيث المصالحة كانت ولا تزال ممنوعة، قد يكون ملف المحكمة الجنائية انطوى على حقائق وأدلة، بغض النظر عن فولكلورية المدعي العام الأرجنتيني. هناك في أي حال وقائع مذهلة ومخجلة حصلت ودمغت ذاكرة الدارفوريين، وقائع يفترض ألا تحدث لمواطنين على أيدي مواطنيهم ، لكنها حدثت ويُراد ألا يتحمل أحد مسؤوليتها، ومع ذلك، فالحقيقة في مكان آخر، هي ليست في ما يريده الدارفوريون أو سائر السودانيين. إنها فيما يسعى إليه الأميركيون والفرنسيون وبالتالي الليبيون والتشاديون والأوغنديون والإسرائيليون وغيرهم وغيرهم، في مقابل ما تسعى إليه الخرطوم ومعها الصينيون والإيرانيون وغيرهم أيضاً.

 

 

الكارئة مطلوبة، المصالحة ممنوعة، الأزمة مفتوحة، العرب يتعاملون معها ويُعاملون كأنهم غير معنيين، والأفارقة شهود زور.

 

 

هنا يأتي الخلاف على ما يسمى "عملية السلام"، لابد أن الإسرائيليين يقهقهون سخرية كلما سمعوا كلاماً عن هذا الخلاف، كأنهم ازاء نكتة هم من ألفها ولحنها، فأقل خطأ يمكن أن يحصل هنا أو هناك، سياسياً كان أو عسكرياً، لا يستحق عند الإسرائيليين أقل من مساءلة أو مراجعة أو إعادة نظر، وربما لجنة تحقيق ، أما العرب فيرون قضيتهم بأم العين وهي تخطف وتفتت. يتقدمون بمبادرة سلام إلى الطرف الآخر الذي لا يبالي بها يدافعون عن "حل الدولتين" كأنه بات في أيديهم يشتبكون اعتدالا ومقاومة حين لم يعد أي منهما يجدي. الحقيقة في مكان آخر. في إسرائيل والولايات المتحدة ، الحقيقة هي "أن عملية السلام" كانت خدمة انطلت على العرب يتساوى في ذلك أن يكونوا وعوا الأمر أم لم يعوا.

 

 

 

قمة الدوحة هي الأولى للعرب في عهد أوباما - انعقدت في لحظة حائرة، فلا معالم "التغيير" ظهرت ولا علامات التعقل تأكدت بل انعقدت عشية مرحلة الجنون المنهجي في عهد الثلاثي نتانياهو - ليبرمان – باراك ،  ما يعني أن العرب محكومون بانتظار اتضاح السياسات الأسوأ أنهم لن يستطيعوا أيضاً تمييز حق من باطل قبل ظهور الضوء في نهاية نفق الحوار الأميركي - الإيراني.

 

الاتحاد الاماراتية



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات