ما الذي يريده الشعب.. ما الذي يريده الملك من وزرائه

هذه مرحلة دقيقة تخلي فيها الحكومات مواقعها بسرعة، والمطلوب هو النظر الى الأمام وحفز كل الهمم للخروج من دائرة المراوحة باتجاه استكمال مشروعنا الوطني في الاصلاح والذي بات ضرورة وطنية لا تحتمل التأخير.. وبات معتقداً ملكياً يسعى الملك لتوفير كل الادوات القادرة له..
شعبنا يريد الاصلاح وقد افرز حراكات قبل ان تبدأ الحراكات العربية والربيع العربي، والملك لاقى الشعب في منتصف الطريق وعمل على تجسيد الرغبة الشعبية ومطالب الرأي العام منطلقاً من قناعاته التي دعت لذلك اساساً واستجابت لذلك بالفعل وقد جعل الملك حكوماته المتعاقبة أداة لانجاز هذا الاصلاح والاسراع به وتحقيق مقتضياته، فكان منها من يبدأ ويعمل ومنها من يبطئ او يعجز، ومنهامن وفق الى حد ومنها من لم يوفق وهذه مسألة طبيعية حتى لا تكون ادوات التغيير والاصلاح جاهزة وموزعة على الاحزاب ومؤسسات المجتمع المدني وحين يكون الأمر منوطاً فقط بالحكومات.
الملك ضاق ذرعاً بالتأجيل والاجتهادات الخاطئة وظل يوجه الحكومات نحو الاصلاح في ابعاده المختلفة ويحرص على ذلك ويضع الامكانيات المتاحة في سبيل ذلك.. وكانت مواقفه الأخيرة التي عبر عنها في رسالتيه لرئيس الوزراء الذي انتهت ولايته عون الخصاونة ولرئيس الوزراء المكلف الدكتور فايز الطراونة واضحتين: اشار في رسالته الى عون الخصاونة بضرورة انجاز التشريعات والقوانين التي تجسد رؤيتنا الاصلاحية، وتمكننا من ترجمتها على ارض الواقع في اسرع وقت ممكن تلبية لتطلعات شعبنا الوفي ورغبته في تحقيق الاصلاح السياسي المنشود. هذه التشريعات والقوانين يقول الملك، «انها اقرت قبل تشكيل حكومة الخصاونة». وكان على الحكومة ان تنجزها بعد انجاز التعديلات الدستورية: ولكن حكومة الخصاونة لم تنجزها وهي قانون الهيئة المستقلة للانتخابات للاشراف على الانتخابات وادارتها وقانون الانتخاب وقانون البلديات.. عمل ذلك كان مطلوباً الى جانب قانون الاحزاب وقانون المحكمة الدستورية.. من اجل ان تجري الانتخابات البرلمانية والبلدية قبل نهاية العام كما وعد الملك شعبه وكما اكد في خطاباته ولقاءاته في الداخل والخارج وأمام المجتمع الدولي..
الملك رأى في ايقاع حكومة الخصاونة بطئاً لن يجعلها قادرة على تلبية هذه الاستحقاقات وكانت المؤشرات قد تبدت في مزيد من التمديد والمماطلة حتى رأى رئيس الوزراء عدم تمديد الدورة البرلمانية العادية وفض البرلمان لمعاودة انعقاده بعد شهر في دورة استثنائية. وكأن الامور والقضايا عادية وغير مستعجلة. وكأن المعطيات القائمة تسمح بذلك وهو الأمر الذي جعل الملك يأمر بتمديد الدورة العادية ويكلف رئيس وزراء جديد بهذه المهمة حيث عادو الطلب منه بانجاز ذلك في فترة محددة بمعنى ان تكون هذه الحكومة انتقالية لانجاز هذه الاهداف التي تسمح بالاستجابة لمطالب الشعب وتحقيق رغبة الملك والوفاء بالالتزامات المقطوعة..
كان الملك يأمل ان تمضي الحكومة في برنامج الاصلاح «وأن تكون اكثر فعالية ونشاطاً».. وان تعطى قوانين الاصلاح الأولوية..
ولعل اصرار الرئيس الخصاونة بعدم وجود ضرورة لتمديد الدورة العادية وتأجيل عقد الاستثنائية لمدة شهر واغراق المدة بقوانين ثانوية اقرت على حساب الاصلاحية.. قد عكس البطء وغياب الانجاز وعدم حسم الامور رغم دقة الظرف وعبء المسؤولية والالتزام تجاه الشعب والعالم. ورغم عدم امتلاك ترف الوقت او امكانيات التأجيل فكان ما تحقق اقل مما يجب واقل من المأمول.. فاقتضى التغيير..
لهذه الاسباب جرى تغيير الحكومة وتكليف اخرى لتقوم بهذه المهمات وتنجزها فيما تبقى من وقت حيث يراهن الملك على ذلك كما جاء في كتاب التكليف لحكومة الطراونة التي حددت مهامها ودورها.
الملك يقطع كل الشك بيقين واضح، انحيازه للاصلاح ووضع ارادته فيه وملاقاة الشعب وتبني مطالبه مستثمراً كما قال الربيع الأردني للانتقال الى مرحلة جديدة يكون الأردن فيها نموذجاً.. واذ اكان الانجاز هو المعيار فان حكومة الطراونة ستخضع ايضاً لهذا المعيار وستحاسب على اساسه. ومن هنا يكون التحدي لها.