الاقاليم والاغلبية الصامتة
واضح في خضم الجدل الذي تشهده البلاد بسبب مشروع الاقاليم، بانه اظهر نوعين من المعارضة، الاولى على تقسيمات واليات التطبيق من باب انها لا تخدم ''لا مركزية'' صنع القرار، والثانية ترفض المشروع برمته.
اصحاب وجهة النظر الاولى المتمثلة برؤساء وزراء ووزراء سابقين ونواب مستقلين يضغطون لان تكون العاصمة عمان جزءاً من هذا المشروع وان يكون مسؤول ادارة كل اقليم صاحب صلاحيات وقادراً على اتخاذ القرار دون الرجوع الى الادارة المركزية في عمان.
ولعل اكثر الشخصيات التي سجلت ملاحظاتها في هذا الاتجاه النائب عبد الرؤوف الروابدة الذي يرى ان مشروع الاقاليم بحاجة الى عصف ذهني على كافة المستويات، وان تسريع تطبيقه في ظل الملاحظات الكثيرة على تفاصيله الفنية سيضعه في مهب الفشل.
وبين اختلاف هؤلاء مع الحكومة على مصطلحات مثل ''المفوض'' والدعوة لاستبداله بـ''الوالي'' بخصوص التوصيف الوظيفي للمسؤول عن ادارة كل اقليم اداريا وتنمويا، يقف جميعهم في خندق الدفع بهذا المشروع الى حيز التنفيذ لاعتبارات متعددة، اهمها ان الاغلبية الصامتة ستدخل في العملية التنموية الشاملة ''تلقائيا''.
ولعل هذه التلقائية التي تفرضها آلية الانتخاب والتمثيل بشمولها كل منزل وحي الى ان تتوسع لتشمل المحافظة ثم الاقليم، هي مربط فرس المعارضة الشديدة التي يواجهها مشروع الاقاليم من قبل النوع الثاني من المعارضة والمتمثل بلجنة التنسيق العليا لاحزاب المعارضة.
ولان في الاقاليم ما يعزز التعددية في المشاركة السياسية، فمن الطبيعي ان يقذف المشروع بتهمة ''تفكيك الدولة وانه اعد في الخارج ..'' من قبل الذين خدمتهم الظروف لاحتكار العمل السياسي الشعبي خلال العقود الماضية.
ولذلك، فان قول النائب الروابدة بان هذا المشروع من بناة افكاره، فسر عند بعض الساسة بانه ضرب من الغرور وحب الذات. وقد يكون ذلك صحيحا للوهلة الاولى لو ان احدا لم يقذف مشروع الاقاليم بتهمة '' المؤامرة مع الخارج ضد الوطن''.
والروابدة في هذا المقام لم يقدم نفسه. فهو قدم براءة اختراع لهذا المشروع النهضوي بانه انتاج اردني صافٍ وخالٍ من اي تداعيات للظروف الاقليمية والخارجية. ولذلك فرئيس الحكومة ومن سبقوه في حمل الامانة متفقون على ''تلقائية'' مشاركة الاغلبية الصامتة في صناعة القرار، ولكن الخلاف في ''كيف؟'' وليس ''لماذا؟.'