مهنيو القطاع العام يعاودون التصعيد

بدأت بعض النقابات المهنية باعلان برامج تصعيد احتجاجية انتصارا لبعض اعضائها العاملين في القطاع العام من وزارات ودوائر ومؤسسات حكومية, بعد ان انتهت من وجهة نظرها الهدنة التي اعطيت للحكومة من اجل معالجة المطالب التي سبق وان تم تقديمها اليها, من دون ان يسفر ذلك عن اية نتائج تسهم في تلبية حتى ولو اجزاء منها حتى انها تعرضت الى التجاهل التام من قبل اكثر من حكومة خلال الآونة الاخيرة رغم الاقرار منها بالحقوق ومنح التعهدات بحلول ترضي مختلف الاطراف.
نقابة المهندسين الاردنيين وهي من اكبر النقابات المهنية اكدت انها تتبنى هذه الايام سلسلة من الخطوات الهادفة الى دعم منتسبيها في القطاع العام من خلال مسيرات واضرابات قد تصل الى التوقف عن العمل ,اذا لم تبادر الحكومة الى رفع ما وصفته بالظلم الواقع عليهم والمتمثل في تخفيض علاوتهم الفنية ورفض رفعها الا بنسبة عشرة بالمئة, بينما يصر المهندسون على رفعها الى ثلاثين بالمئة لتصل الى مئة وخمسين بالمئة لتحقيق المساواة مع زملائهم المهنيين الاخرين الذين تمت الاستجابة لمطالبهم منذ بداية العام الحالي.
أما الاطباء البيطريون فقد نفذوا فعلا اضرابا شاملا في جميع الاجهزة الرسمية التي يعملون لديها ورغم اهتمام رئيس الوزراء وفقا لما اعلنه وزير الزراعة في هذا الشأن, الا ان نقابتهم اصرت على الاستمرار في الاحتجاج حتى تحقيق مطالبهم واهمها رفع العلاوة الفنية الى مئة وستين بالمئة واقرار بدل العدوى بنسبة خمسين بالمئة من الراتب الاساسي لما قد يتعرضون له في اداء مهامهم من امراض مشتركة من خلال تشخيص الامراض الحيوانية وتقديم العلاجات اللازمة مع اقرار علاوة بدل التفرغ لما تصل نسبته الى خمسة وثلاثين بالمئة من اجمالي الراتب, بخاصة وان هذه الفئة تعرضت للاجحاف على مدار سنوات طوال مما ادى الى عدم الاقبال على هذا التخصص الحيوي في الجامعات الاردنية.
ما عمق من أزمة اعتراضات المهنيين في الجهاز الحكومي التي تواصلت من قبل نقابات عديدة كان اخرها "الممرضين", أن عملية هيكلة الرواتب في القطاع العام قد شابتها العديد من الاختلالات عبر انصاف بعضهم من هؤلاء استجابة لاضراباتهم الشاملة التي شلت القطاع التعليمي فيما يتعلق بالمعلمين وكذلك الحال بالنسبة لاطباء وزارة الصحة الذين كان لامتناعهم عن العمل أثرا بالغا على تقديم الخدمات الصحية لقطاع واسع من المواطنين, في حين ان قطاعات اخرى من المهنيين ظلت على حالها السابق اجمالا مع بعض التغييرات الطفيفة التي لا تتناسب مع مؤهلاتها وخبراتها, اضافة الى تهدئتهم بوعود لم تتحقق على ارض الواقع مما جعلهم يلجأون الى التصعيد مرة اخرى بدعم من نقاباتهم المهنية ذات العلاقة.
اذا ما كانت الازمة المالية التي تعاني منها موازنة الدولة للعام الحالي من الاسباب الرئيسية في عدم تجاوب الحكومة مع مطالب بعض اعضاء النقابات المهنية رغم اقرارها بأحقيتهم لذلك, فانه يمكن التوصل مع الجهات التي تمثلهم الى تسويات معقولة يتم التلاقي بموجبها الى الحلول الممكنة آنيا منها اذا ما كانت متعددة جميعها, لان العام قد اقترب من الانتصاف, على ان تحترم الحكومات ايا كانت خلال هذه المرحلة أو ما بعدها تعهداتها في تلبية المطالب الاخرى من خلال رصد المخصصات اللازمة لها في موازنة العام المقبل, مما يؤدي الى تجنب وقوع ازمات احتجاجية تصعيدية لها آثارها على الوضع العام الذي لا يحتاج الى المزيد من الاحتقانات ! . ( العرب اليوم )