الحكومة وجيب المواطن!

نقرأ في صحيفة يومية تحت عنوان: مسيرة غضب رقم 4 في إربد تقول: جيب المواطن أصبح بنك تمويل الحكومة. وفي أخبار أخرى متواترة أن الحكومة كلما احتاجت إلى المال مدت يدها إلى جيوب المواطنين!.
يبدو أننا لم نفهم بعد علاقة الحكومة بالمواطن، ولم نتقبل بعد فكرة أن خزينة الدولة جيوب مواطنيها. فالقناعة السائدة أن الحكومة مطالبة بالإنفاق على الناس، فعليها واجب تجاه المواطن وليس لها حق على المواطن.
الحكومة- أية حكومة- بحاجة للتمويل لدفع الرواتب وتقديم الخدمات والقيام بدورها المعروف، فإذا لم يكن جيب المواطن هو مصدر هذا التمويل فما هو المصدر يا ترى.
إذا لم يموّل المواطن الأردني كدافع ضرائب خزينة الدولة فهل على المواطن الأميركي والألماني كدافعي ضرائب أن يمولوا الحكومة الأردنية. وإذا احتاجت الحكومة للتمويل فهل عليها أن تطرق أبواب الدول الأجنبية والعربية أم تكلف المواطن الأردني.
هل يعقل أن تغضب فئة من المواطنين لأن جيب المواطن أصبح بنك تمويل الحكومة كما يقول أحد الشعارات. كنت أفهم أن يغضب المواطن عندما يجد حكومته تعتمد على سخاء الدول الأخرى أو تسهيلات البنوك في تمويل نفسها.
ما معنى الاستقلال والاكتفاء الذاتي والاعتماد على النفس إذا لم تكن جيوب المواطنين هي مصدر تمويل الحكومة، أم أن المطلوب أن نكون ونظل عالة على الآخرين.
مسيرات الغضب في شوارع إربد ليست جديدة، ففي الخمسينات عبـّرنا عن الغضب في شوارع إربد، وهتفنا وراء عبد الكريم خريس بصوته المتهدج، وحقي خصاونه بصوته الجهوري، وعبـّرنا عن غضب إربد، ليس لأن حكومتنا كانت تعتمد علينا في تمويل جيشنا، بل لأنها كانت تعتمد على بريطانيا التي تضع كلوب باشا على رأس جيشنا ليشرف على حسن إنفاق أموالها.
الإشكالية في المعادلة المالية الأردنية أن الضرائب عالية ولكنها غير كافية: عالية بدلالة أن الإيرادات المحلية في الموازنة تشكل حوالي 30% من الناتج المحلي الإجمالي، وغير كافية بدليل أن الحكومة تعتمد في جانب كبير من موازنتها على المنح الخارجية والقروض. والتفسير الوحيد أن الحكومة وقطاعها العام أكبر مما يطيقه الاقتصاد الوطني. ( الرأي )