المحجوب في الصراع على سورية

على مدار سنوات نفوذه وسطوته على قسم كبير من الجسم السياسي اللبناني, تمكن ياسر عرفات "ابو عمار", من بناء مفاتيح مهمة في معظم الطوائف خاصة السنة والشيعة من المرابطين الناصريين في بيروت, الى حركة التوحيد السلفية الطرابلسية الى حركة امل الشيعية, بقيادة الامام موسى الصدر, بل انني شخصيا شهدت تخريج اول فوج عسكري لحركة امل في معسكر حمورية التابع لفتح قرب دمشق وكان المشرف العام على ذلك الضابط الاردني المتقاعد ابو فواز (من عشائر الحويطات) ومعه الرائد الصديق عبدالكريم الصعوب.
وكان ابو عمار والامام موسى الصدر رحمهما الله في المنصة الرئيسية..
بعد انفجار الخلاف بين سورية وابو عمار وتبادلهما المواقع السياسية في هذا الخلاف بين عام 1976 وما بعد كامب ديفيد توزع انصار ابو عمار اللبنانيون من مختلف الطوائف على عدة اطراف: امل الشيعية وحركة التوحيد السنية مع سورية, وبعضهم صار مقربا من حزب الله (انيس النقاش مثلا) بينما ورث تيار المستقبل البقية وكان من ابرز الفتحاويين وجماعة ابو عمار من اللبنانيين والسوريين الذين استوعبهم تيار المستقبل شخصيات مثل فتفت وعلوش (اللبناني) والحوري وضاهر ومحسن ابراهيم (زعيم منظمة العمل الشيوعي) والياس عطاالله (حزب شيوعي لبناني) اضافة لعدد من السوريين الذين كانوا يعملون في مجلة (البلاد) الفتحاوية التي كان يشرف عليها خالد سلام (محمد رشيد) (عراقي كردي متهم بالسيطرة على مليار دولار من اموال فتح ومنظمة التحرير, وبانه وراء مشروع الكازينو الشهير..
ومن ابرز جماعة محمد رشيد المذكور, السوري برهان غليون وعدد آخر من قادة ما يعرف (بالمجلس الوطني السوري) المعارض..
اضافة لما سبق مثلت حالة (ابو طعان) ظاهرة مبكرة, وكان من كبار ضباط الشرطة العسكرية الفلسطينية الفتحاوية, حيث اعتقلته السلطات السورية مع اندلاع الازمة السورية الاولى واتهمته بتهريب مقاتلين سلفيين واسلحة الى سورية عن طريق طرابلس - عكار.. ومما له دلالة هنا ان ابو عمار عندما حاول العودة الى لبنان 1983 حاول ذلك من طرابلس وعكار المتهمة باحتضان الجماعات السلفية المتشددة وكان مخيم نهر البارد معقلا لها اضافة لاحياء لبنانية معروفة هناك.
وبالمجمل فان هذه الخلفية على اهميتها, لا يجوز ان تسمح لاحد بان يزج الفلسطنيين في الازمة السورية ولا بالاستنتاج ايضا ان وجود فتحاويين سابقين مثل غليون في المعارضة السورية هم مؤشر ما على ان ما تشهده سورية حاليا هو امتداد لاستحقاقات حلقة جديدة من كامب ديفيد, ايا كانت ادواتها..
نعم ان المعركة على سورية, اليوم لا تنفصل عن سيناريو (اسرائيل العظمى) الذي يستدعي تفكيك كل الدول المركزية في المنطق, لكن اجندة ودور الشخصيات القديمة انتقلت منذ سنوات الى المطابخ الدولية المعروفة..(العرب اليوم)