كيشي وشفيق

بعد الاحتلال الامريكي لليابان إثر استسلام الاخيرة بعد ضرب المدن اليابانية بالقنابل الذرية الامريكية وإبادة مئات الآلاف من سكانها، وضع قائد الاحتلال الامريكي دستورا لليابانيين سماه "دستور السلام" الذي عُرف ايضا بدستور الجنرال ماك ارثر.
وقد تضمن الدستور مواد تنظم انتخابات حرة ديمقراطية نزيهة شفافة للغاية حيث لم يسمح لأي من جماعات النظام السابق او اليسار او القوميين الديمقراطيين بالاشتراك في تلك الانتخابات وتحولت جماعات الاحتلال الامريكي من جماعات عميلة متواطئة مع إبادة نصف مليون ياباني على أيدي الامريكيين، الى حماة الديمقراطية والاستقلال ... الخ.
لكنه ورغم الوجه "الديمقراطي" للاحتلال, إلا ان الامريكيين ما ان استقر لهم الوضع هناك حتى خلعوا هذا الوجه نفسه وادخلوا اليابان في دوامة من الأزمات الاجتماعية والسياسية تمهيدا لإحكام سيطرتهم الكاملة، انتهت الى مسرحية "ديمقراطية" وضعت على رأس اليابان جنرالا سابقا معروفا بالبطش والعداء لليسار والديمقراطية هو الجنرال كيشي.
وفي الحقيقة، لم يكن كيشي، حالة فريدة بل أسس لموديل امريكي في التعامل مع الأزمات في المناطق الساخنة التي تتهدد فيها المصالح الامريكية. فحيث كانت "الديمقراطية" مدخلا ملائما للتضليل وحشد القوى المختلفة في خدمة هذه المصالح يجرى استخدامها على نحو عابر ومؤقت، ريثما تتمكن الامبريالية من تجاوز ازمتها هنا وهناك، والعودة مجددا الى سياسة العصا والمطرقة، الضامن الحقيقي للمصالح المذكورة، وما حدث في ايران ضد حكومة مصدق في السنوات التي تلت الحرب العالمية وما يحدث اليوم في مصر بضخ الاموال والدعم للجنرال شفيق ليس بعيدا عن ذلك، مع التأكيد، بأن جماعة الاسلام الامريكي الجديد ليست افضل حالا، ومن السخرية حقا تصنيفها ضمن قوى الثورة مثل حمدين صباحي. فالقاصي والداني يعرف ان هذه الجماعة ازدهرت وتمددت في عهد السادات، رجل الامريكان"بطل" فضيحة كامب ديفيد مع تل أبيب. ( العرب اليوم )