ماذا وراء أكمة «الأفكار» الأمريكية الجديدة؟!

تم نشره الثلاثاء 19 حزيران / يونيو 2012 12:33 صباحاً
ماذا وراء أكمة «الأفكار» الأمريكية الجديدة؟!
عريب الرنتاوي

سراً وعلانية، يجري الحديث عن “أفكار” أمريكية جديدة لاستئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي...سلفاً ومقدماً نقول، ومن دون تردد للحظة واحدة، بأننا أمام “عملية خداع” جديدة و”لعبة تقطيع وقت” إضافية...المسألة الفلسطينية تشغل أسفل قائمة اهتمامات واشنطن، وليس في الأفقين الفلسطيني والإسرائيلي ما يبرر الثقة المتجددة بأن جولة جديدة من المفاوضات ستأتي بما لم تأت به الجولات السابقة.

لماذا تفعلها واشنطن إذن؟

الجواب باختصار يكمن في أمرين اثنين: الأول، قطع الطريق على “مسار المصالحة” من خلال بعث الأوهام من جديد بأن خيار “المفاوضات حياة” لم يستنفد أغراضه بعد...والثاني، قطع الطريق على أية تطورات غير مرغوب فيها، قد تشوش على إدارة الرئيس أوباما حملاتها الانتخابية أو تعكر صفو حملتها المركّزة على سوريا وإيران، سيما إن لجأت السلطة إلى الأمم المتحدة طلباً لمكانة “الدولة غير العضو” وردت إسرائيل بإجراء أحادي الجانب كضم الكتل الاستيطانية على سبيل المثال لا الحصر.

إنهم يبيعون الوهم من جديد، وسيأتينا ديفيد هيل مُحملاً ببضاعته القديمة الكاسدة، بحثاً عن أسواق ومتسوقين....والمؤسف حقاً، أن لدينا من هم على أتم الاستعداد لشراء هذه “الأوهام”، بل وللترويج لها وتسويقها، هم الذين قرروا أن لا بديل عن المفاوضات إلا المزيد منها...ما يدفعنا للاعتقاد بأننا سندخل من جديد في دوّامة عبثية من اللقاءات والجولات والانقطاعات والاستئنافات، فيما الأنياب الحادة لجرافات الاستيطان تواصل قضمها المتدرج للأرض والحقوق، والحصار الجائر على غزة، يواصل قصف أعمار أبنائه وبناته، وبكل قسوة وهمجية.

ولا نريد أن نذهب أن نذهب بعيداً في التشاؤم و”التبشير” بسيناريوهات أكثر سوداوية...فقد اعتدنا في هذه المنطقة، وطوال عشرين عاماً من عمر عملية السلام، أن نشهد انتعاشاً للمفاوضات وموائدها، كلما لاحت في الأفق بوادر حرب كبرى في المنطقة...لقد فعلوها في العام 1991 وكان مؤتمر مدريد جائزة الترضية لفلسطيني الاعتدال...وفعلوها عشية الحرب على أفغانسان والعراق، فكانت “خريطة الطريق” وما سبقها ورافقها وأعقبها من مبادرات واجتماعات ومفاوضات، وليس مستبعداً أن تكون “الأفكار” الأمريكية الجديدة لإحياء عملية السلام، توطئة لخطوات دراماتيكية (عسكرية بالطبع) على المسارين الإيراني والسوري، تنتهي مفاعيلها (الأفكار) ما أن تركد غبار المعارك وتنطفئ ألسنة لهيبها.

كيف ستنعكس هذه “الأفكار” على مسار المصالحة؟.

لا جواب نهائي بعد على هذا السؤال الآن، فثمة مؤشرات متناقضة تصدر عن الطرف الثاني في عملية المصالحة (حماس)...تارة تشعر بأن الحركة تقيم جداراً شاهقاً بين مساري التفاوض والمصالحة، فتقرر السير في الثاني وكأن الأول لا يعنيها بتاتاً إلا ما اختص منه بالاعتقالات المترتبة على مقتضيات التنسيق الأمني...وتارة أخرى ترى أن الحركة ما زالت تتحدث بـ”لسانٍ مقاومٍ مبين”، يربط الأمرين (المسارين) معاً، مع أن الوجهة العامة للتيار الإخواني في عموم المنطقة العربية، يميل لنقل البندقية من كتف إلى كتف، من “التهدئة” التي ترتفع أحياناً إلى مصاف الاستراتيجية، مروراً بكتب الضمانات والتطمينات الصادرة بكثافة من القاهرة وتونس، وانتهاء بصيحات “العتب” على حلف “الناتو” الذي تأخر بأكثر مما ينبغي في الاستجابة لنداءات التدخل العسكري في الأزمة السورية.

هذه الأجواء، سيكون لها إنعكاساتها المباشرة على خطاب حماس وأدائها...إن لم يكن من منطلق القناعة بجدوى هذه السياسة الجديدة، التي تعيد التذكير بسياسات الحرب الباردة وتحالفاتها ضد الخطر الشيوعي (هذه المرة ضد الخطر الشيعي وامتداداته)، فمن باب رغبة الحركة في تفادي الاصطدام مع الوجهة العامة لتيار الإخوان المسلمين.

مشكلة فلسطين، ساحة وقضية وفصائل كبرى، تتجلى في شطرها الأول، بكون التيار الممسك بمقاليد القرار الرسمي (الخيار التفاوضي) مسكون بهاجس انعدام البدائل والخيارات التي يمكنه اللجوء إليها...أما الشطر الثاني من المشكلة، فيتجلى في إنعدام البدائل الواقعية لدى الممسكين بزمام ما يسمى “الخيار المقاوم” في مواجهة التيار الأول...فتكون النتيجة، نحن نفعل ما نشاء وأنتم تقولون ما تشاؤؤن...قد لا نلتقي في السياسة والبرامج في نقطة وسط (لفظياً على الأقل)، بيد أننا قد نلتقي في “مسار المصالحة” في منتصف الطريق إن أمكن الوصول إلى صفقة مرضية (رابح – رابح)، نتقاسم بموجبها “الكعكة المفخخة”، نقيم “مصالحة فوقية” تبقي القديم على قديمه، عملاً بما وصفناه “سيناريو كردستان العراق”، فيما البنى التحتية للإنقسام تبقى على حالها، وللمفاوضات بقية...أو بالأحرى للإنقسام بقية. ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات