الإخوان المسلمون وسؤال الثقافة والفنون

ما مصير الثقافة والفنون في ظل حكومة إخوانية؟ ما البرامج والإنجازات الثقافية والفنية للإخوان المسلمين؟
يوجد لدى الإخوان المسلمين مشروع أو إنجاز ثقافي قائم يمكن ملاحظته أو التوقع على أساسه. ولا توجد أيضا رؤية ثقافية واضحة يمكن محاكمتها. ولكن هناك محاولات ثقافية للإسلاميين محدودة، ومن ملامحها حظر الموسيقى والنساء والاختلاط. ومن الملفت أنه لا يكاد يوجد للإسلاميين نتاج ثقافي من الرواية والشعر والقصة أو الفنون التشكيلية والمسرحية أو السينما أو الموسيقى؛ هناك أمثلة قليلة وقديمة جدا لأعمال شعرية وروائية.
وبالطبع، فإنها حالة تدعو إلى الخوف الكبير من وجوه عدة: أنه لا أمل بارتقاء ثقافي وفني على يد الإخوان المسلمين، وهناك خوف من مواقف الإخوان المسلمين القادمة تجاه الثقافة والفنون، مثل زيادة الرقابة الاجتماعية والدينية وتشددها، أو توجيه وتشكيل الثقافة على نحو رجعي، كحظر الموسيقى ومشاركة النساء، وربما ينشئون هم أيضا برامج ثقافية وفنية تخلو من الموسيقى والتجارب والمنجزات الفنية العالمية الإنسانية. وسوف يصيب ذلك الثقافة بالخواء والهزال، وهي ابتداء في حالة صعبة
لماذا يكون الخوف على مصير الثقافة والفنون أمرا بالغ الأهمية ويدعو إلى القلق؟ أنا ومثلي كثيرون نشعر بالقلق على الحال الثقافي والفني بدون مزيد من التدخل الاجتماعي والديني والمعوقات والصعوبات، لأن حال الثقافة القائم لا يسر كثيرا. ولكن مصدر الخوف هو التراجع الكبير في تقدير دور الثقافة والفنون في النهضة والإصلاح، فذلك لا يؤدي فقط إلى إصابة الحياة الاجتماعية واليومية بالخواء وتريف المدن والمجتمعات المدينية، ولكنه يؤدي أيضا إلى سلسلة من الكوارث والأزمات، مثل الروابط العشائرية والقرابية والدينية في العمل السياسي والنقابي. لنتخيل كيف يكون حال النقابات المهنية في ظل تنافس قائم على العشائرية والجهوية والدينية! ولنتخيل الحال السياسي والاجتماعي عندما ينقسم المحامون والأطباء والمهندسون والصيادلة والزراعيون والصحفيون والمعلمون على أسس وروابط لا علاقة لها بالمهن ولا بالعمل العام، ويؤدي أيضا إلى العنف المجتمعي والشجارات الطلابية المخزية على أسس بدائية، وأهم من ذلك بكثير عندما يغيب الإبداع كقيمة ومورد، وما يعنيه ذلك من تراجع شامل في الاقتصاد والأعمال والمهن والعمارة والتخطيط في مرحلة يعتمد فيها الاقتصاد العالمي والوطني أيضا على المعرفة والإبداع! ولذلك، فإن الثقافة والفنون والإبداع يجب أن تحتل اليوم أهمية قصوى أكثر من أي مرحلة سابقة.
وفي المحصلة، فإنه لا أمل في ارتقاء الحريات والثقافة في ظل الإخوان المسلمين.. ولكن هل ثمة أمل في المجتمعات لتجعل الحريات والثقافة معيارا في الانتخاب وإعادة الانتخاب؟ ( الغد )