عن حسن البنا وأبنائه

صحيح أنّ الإخوان المسلمين المصريين حقّقوا فوزاً ضخماً في الانتخابات التشريعية، ولكنّ وصولهم إلى رئاسة الجمهورية هو الفوز الأكبر، فالسلطة التنفيذية في بلادنا لها طعم آخر، وخصوصاً في مصر، حيث الرئيس هو الذي تُعلّق صورته على الجدران، ويُلخّص في رمزيته أرض الكنانة.
كلّ رؤساء الجمهورية، ومحمد مرسي منهم جاءوا من بيئات فقيرة، ولكنّه ينفرد عنهم بأنّه وصل للرئاسة من الشارع بزيّ مدني يحمله تنظيم سياسي، أمّا الباقون فقد هيأتهم رتبهم العسكرية للأمر، وهكذا فنحن أمام سبق تاريخي على صعيد الديمقراطية، ونحن أمام سبق تاريخي للتنظيم السياسي الديني نفسه “الإخوان المسلمين”.
المؤسس حسن البنا يستطيع الآن أن يقول من قبره إنّه اقتصّ من مغتاليه، ويمكنه أن يفخر بتحقّق حلمه الذي بدأ قبل تسعين عاماً، وواجه صعوداً وهبوطاً، ونجاحات وإخفاقات، وتشرداً وسجوناً، فتنظيمه هو الوحيد الذي كسر كلّ القواعد، وحافظ على نفسه حيّاً، وتوسّع حتى صارت لا تغيب عن فروعه في العالم الشمس، وصار له رئيس جمهورية في مصر أيضاً.
في عزّ هذا النجاح، ليس مقبولاً من أبناء حسن البنا سوى أن يقفوا مع أنفسهم، ويتأمّلوا المسيرة التاريخية، وأن يخرجوا بنتيجة أنّ الوصول إلى القمّة أتى بعد تضحيات عظيمة، أمّا المحافظة عليها فتتطلب تضحيات أعظم.
( الدستور )