ماذا وراء المطالبة بتعديل المواصفات الغذائية ؟

تشن نقابة تجار المواد الغذائية ما يشبه الحملة خلال الآونة الأخيرة، تطالب فيها بتعديل مواصفات المواد الغذائية، دون معرفة الحيثيات الحقيقية من وراء ذلك، وفي ما اذا كانت من اجل مواكبة المتغيرات العالمية في تصنيع الاغذية على اختلاف انواعها، أم انها تستهدف التهاون في تطبيق المواصفة المعتمدة من اجل تمرير كميات كبيرة من الغذاء الذي قد لا يكون صالحا للاستهلاك، خاصة مع تزايد ظاهرة اكتشاف عشرات الاطنان مما هو فاسد منها بين الحين والآخر.!
تقول النقابة في تبرير مطالبها بضرورة الإسراع في تعديل مواصفات المواد الغذائية إن اكثر من خمسمائة مواصفة في هذا المجال قديمة وتحتاج الى تحديث في ما يتعلق بسلع غذائية مضى على تطبيق مواصفاتها اكثر من خمس سنوات، بعضها يعود الى ما قبل عام 2007م و الآخر منها يعود الى عام 1978م، أما الأخطر من ذلك كله فهو ان يعتبر التجار والمستوردون من القطاع الخاص انفسهم غير ملزمين فيها من طرف واحد مما يفتح الباب واسعا أمام حالة من عدم الاستقرار الغذائي والصحي الذي يترك آثاراً مباشرة على المستهلكين.!
ما يلفت النظر ان مؤسسة المواصفات والمقاييس والمؤسسة العامة للغذاء والدواء، وهما الجهتان الرسميتان في البت بمواصفات المواد الغذائية وتطبيقها على ارض الواقع اذا ما كانت مستوردة او من الانتاج المحلي، تلوذان بالصمت المطبق أمام المطالبة بتعديل المواصفات الغذائية التي تلح عليها نقابة تجار المواد الغذائية، دون الإعلان عن موقف محدد تجاه ذلك في قضية غاية في الأهمية لها علاقة مباشرة بصحة المواطنين وسلامتهم، وفي ما اذا كانت هنالك مبررات موضوعية تفرض إعادة النظر في المواصفات أم ان ذلك يصب في مصلحة التجار على حساب من يستهلكون الغذاء.!
تتزامن المطالبة بتعديلات على مواصفات المواد والسلع الغذائية مع بدء العد التنازلي لاستعدادات استقبال شهر رمضان المبارك الذي يتوقع ان يهل هلاله بحوالي العشرين من شهر تموز القادم، مما يثير علامات استفهام حول اختيار هذه الفترة موسما لتغييرات جوهرية على مواصفات الاغذية خلال موسم يشهد في العادة توارد كميات هائلة منها الى المراكز الجمركية الأردنية، حتى ان نقابة تجار المواد الغذائية طالبت صراحة ايضا بتخفيض الرسوم المفروضة على مثل هذه البضائع التموينية وعدم توحيدها واتباع التخمين على اساس السعر المستورد لا السعر العالمي، في حين أكدت دائرة الجمارك ان عملية التخمين تتم وفق أسس ومعايير علمية ولا تتبع المزاجية داعية التجار والمستوردين الى توفير فواتير وسندات اصلية من بلد المنشأ تبين القيمة الحقيقية لتلك المستوردات.!
لسنا مع طرف ضد آخر في معادلة إعادة النظر في مواصفات المواد الغذائية . فاذا كان هنالك ما يستدعي تعديلها ، خاصة مع التطورات العالمية في تكنولوجيا الصناعة الغذائية ودخول المواد المعدلة وراثيا إليها بكثافة خلال السنوات الاخيرة، فيفترض ان يتم التجاوب مع مطالبات التعديل، أما اذا ما كان لكل من مؤسستي المواصفات والمقاييس والغذاء والدواء رأي مخالف مبني على اسس علمية تراعي الصالح العام، فالاصل ان يتم اعلانه بصراحة ودون اية مواربة لا ان يترك الامر برمته في مجال شكوك عامة تطال اغذية المواطنين وصحتهم وسلامتهم التي يجب ان تظل فوق أي اعتبارات اخرى ! .
( العرب اليوم )