مرافعة مستحيلة

تم نشره الخميس 28 حزيران / يونيو 2012 12:12 مساءً
مرافعة مستحيلة
ياسر الزعاترة

لو استدعت الجهات المعنية أبلغ البلغاء وأفصح الخطباء وأمهر الكتاب،، فلن يكون بوسعهم الدفاع عن قانون الانتخاب الجديد، فضلا عن تسويقه بوصفه محطة الإصلاح الأهم التي ستؤكد للقاصي والداني بأن مسيرته الميمونة ماضية نحو وجهتها المأمولة ممثلة في الحكومة البرلمانية، أو الحكومة المنتخبة بتعبير آخر.

السبب بسيط كل البساطة، وهو أن سائر التصريحات السابقة طوال العامين الماضيين كانت تتعامل مع القانون السابق بوصفه قانونا لا ينسجم مع برنامج الإصلاح، وهي لذلك شكلت اللجان ونظمت الحوارات الطويلة التي كان هدفها إنتاج قانون توافقي ينسجم مع برنامج الإصلاح.

بعد كل هذا يكتشف المعنيون أن لاشيء أفضل من القانون القديم، ويجيشون من أجل الدفاع عنه حشدا من الناس، متجاهلة أنها بذلك تناقض نفسها، إذ كيف لمن اعترف بأن القانون القديم لا ينسجم مع الإصلاح أن يعيد إنتاجه من جديد بوصفه الشاهد العظيم على المضي في مسيرة الإصلاح؟!

لعل أسوأ مرافعة يمكن الحديث عنها في هذا السياق هي تلك التي تتحدث عن استطلاعات للرأي نال من خلالها قانون الصوت الواحد نسبة تأييد معتبرة، وهي مرافعة تتجاهل أن كثيرا من الناس لا يعرفون المضمون الحقيقي للقانون، ويعتقدون أن من الطبيعي أن يكون للناخب صوتا واحدا، هذا إذا افترضنا نزاهة الاستطلاعات ومن ثم صدقيتها لجهة قول المواطن ما يعتقده بالفعل، الأمر الذي لا أراه شخصيا في سائر استطلاعات الرأي في دولنا العربية إلى الآن.

لم يقل أحد لأولئك الناس أن الصوت الواحد يعي صوتا في دائرة متعددة المقاعد، فضلا عن أن تقييم القانون لا يتم من خلال العنوان الأولي، وإنما من خلال تفاصيل أخرى تتعلق بتوزيع المقاعد والكوتات، إلى غير ذلك من التفاصيل.

سيقول البعض إن إضافة مهمة قد طرأت على القانون تتمثل في القائمة الوطنية التي منحت صوتا ثانيا للناخب، وهي إضافة لا تبدو مقنعة، ليس فقط لأنها نسبة القائمة هي 12 في المئة من المقاعد (17 مقعدا من أصل 140)، بل أيضا لأنها ليست مخصصة للأحزاب وحدها، بل تشمل كل من يمكنه تشكيل قائمة، الأمر الذي لا يعزز المنظومة الحزبية، بقدر ما يعزز المنظومات الجهوية أكثر فأكثر، إذ لا يستبعد أن يبادر بعض الرموز من ذوي الثقل المالي والعشائري إلى تشكيل قوائم تحصد نسبة من تلك المقاعد. والنتيجة أن هذا البند في القانون لا يعزز العمل الحزبي إلا في نطاق ضيق.

من هنا يمكن القول إن المراقب لا يحتاج إلى كثير من الذكاء كي يدرك أن القانون لن يغير في الواقع السياسي شيئا، ولو بقي ألف عام أخرى لما أنتج حكومات برلمانية، حتى لو جرى رفع القائمة الوطنية من 12 في المئة إلى 30 في المئة.

من جهتها لا تحتاج القوى الحزبية ذات الأهمية على قلتها إلى كثير من الجدل الداخلي لكي تحسم موقفها من المشاركة، اللهم إلا إذا أصيبت بحالة من الزهايمر، بحيث تنسى أن هناك ربيعا عربيا، وأن حراكا شعبيا لا يزال مستمرا منذ قرابة عامين يطالب بالإصلاح ومحاربة الفساد.

ويبدو هنا أن الذين صاغوا القانون لم يكونوا معنيين بردة فعل تلك القوى بسائر أطيافها، وهم يشعرون أن كل شيء سيكون على ما يرام، لاسيما أنهم سيقدمون للأمة انتخابات حرة ونزيهة لا تشوبها شائبة من الناحية الشكلية، وبالطبع بسبب انتفاء الحاجة للتزوير، الأمر الذين لن يتغير لو شاركت قوى المعارضة، لأن حصتها جميعا من الكعكة لن تصل بحال حدود العشرين في المئة مهما بذلت من جهود لإقناع الناس؛ أولا بالذهاب لصناديق الاقتراع، وثانيا بانتخاب مرشحيها.

نسمع حديثا عن إعادة النظر في القانون نرجو أن يكون صحيحا، فلا مصلحة أبدا في انتخابات تستنسخ البرلمان الحالي، إذ من الأفضل توفير الأموال والإبقاء على الوضع الراهن. ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات