لماذا تأخرت المساعدات الخارجية!

قدرت الموازنة العامة لسنة 2012 أن المنح الخارجية التي سوف تتلقاها الخزينة خلال هذه السنة ستبلغ 875 مليون دينار. وهو رقم اعتبر في حينه شديد التحفظ من حيث أنه يقل كثيرا عما تحقق في سنة 2011، فلماذا نتوقع انخفاضاً في المساعدات الخارجية.
انقضى النصف الأول من هذه السنة دون أن تصل أية منح مالية باستثناء حوالي 18 مليون دينار هي عبارة عن فروقات عملة وتسويات حسابية، ولا تزيد عن 2% من المبلغ المرصود الذي كنا نعتبره غير كاف.
تقديرات المنح في الموازنة العامة تعتمد على عنصرين، فهناك جانب مؤكد وملتزم به بموجب اتفاقات موقعة أو قرارات متخذة في الدول المانحة، وهناك جانب غير مؤكد، ويعتبر مساعدات منتظرة مما يتم الالتزام به خلال السنة، وهي تعتمد على الظروف السياسية.
من حق المراقب أن يتساءل: لماذا لم تصل حتى الآن أية منح لا من تلك الملتزم بها أميركياً وأوروبياً أو الموعودة عربياً، ولا من تلك المنتظرة والتي تتوقف على الظروف ويمكن أن تنقص أو تزيد حسب الأحوال.
التفسير الشائع أن الدول المانحة تؤخر الدفع عمدأً كأداة ضغط للحصول من الأردن على مزايا معينة تتعلق أساساً بدوره وسلوكه تجاه القضايا الإقليمية الساخنة وخاصة سوريا وفلسطين، حيث يملك الأردن أوراقاً وإمكانيات مؤثرة إيجاباً وسلباً.
يقال مثلاً أن أميركا تريد تنازلات أردنية فيما يختص بالتوسع في التجنيس للمساعدة في الوصول إلى حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن.
ويقال أيضاً أن المنح الخليجية مؤجلة أو مجمدة بانتظار الحصول من الأردن على تنازلات معينة وسلوك خاص تجاه القضية السورية تتمثل باتخاذ مواقف أكثر حدية تجاه النظام السوري.
نفهم تمامأً أن المساعدات والمنح الخارجية، سواء كانت أجنبية أو عربية، تكون في العادة مشروطة بشروط صريحة أو ضمنية. من هنا فإن الاستقلال الوطني لا يتحقق كاملاً إلا عندما نصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي مالياً، والاستغناء عن المساعدات الخارجية اعتماداً على جيوب المواطنين.
هذا يتطلب أن يتوقف أصحاب الأصوات العالية عن التحريض ضد الإصلاحات المالية، وعن رفع الشعارات التي تتملق الشارع ولكنها تضع البلد تحت رحمة المانحين والدائنين.( الرأي )