أين وصلت خطة تطوير التوجيهي؟

بعد أن عبرت أواخر أيام الدورة الصيفية لامتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة "التوجيهي" تثار تساؤلات حول مصير خطة تطويره، التي كانت وزارة التربية والتعليم قد أعلنت عنها قبل عدة أشهر وعقدت لها مؤتمراً عاماً، من غير المعروف ماذا انتهى إليه من قرارات وتوصيات وما هي طبيعة الخلافات التي ثارت خلاله وأدت إلى أن يسود الغموض نتائجه، بدلاً من أن يكون كل شيء في العلن أمام الرأي العام الذي يتابع بقلق في العادة كل دورة امتحانية يتقدم اليها عشرات الآلاف من الأبناء والبنات!
اشكالات امتحان التوجيهي ما زالت تتواصل بين دورة وأخرى لتجعل منه كابوساً يسيطر على معظم البيوت الأردنية ويحول المتقدمين إليه إلى حالات إنسانية مثيرة للشفقة يكتنفها الهم والقلق من كل اتجاه لا خلال أيام الامتحان القاسية والطويلة على مدار حوالي الشهر، وإنما بعد أن ينتهي ليبدأ انتظار عصيب لإعلان النتائج التي إن كانت تسر نسبة قليلة فإنها قد تكون صادمة للغالبية العظمى.
كثيراً ما تحدث اضطرابات مؤسفة في كل دورة امتحانية للثانوية العامة داخل القاعات وخارجها وتتوالى الاعتراضات على الأسئلة وسير العمل الامتحاني، ليتم تسجيل مخالفات تتكرر من دون أن يتم وضع حد لها، من خلال تطوير آليات حديثة لعقد الامتحان على مستوى متقدم من المعايير التعليمية المتعارف عليها في العالم، حيث سجلت الأيام الأخيرة من هذه الدورة أكثر من 1531 مخالفة بين الطلبة المتقدمين لها، منها 229 إنذاراً و 929 إلغاء مبحث و 366 إلغاء دورة وسبع حالات إلغاء للدورتين وكلها تتعامل مع الغش وإدارة الظهر للتعليمات وما إلى ذلك من أوضاع معهودة في جميع امتحانات الثانوية!
أحدث التحركات فيما يتعلق بالخطة المقترحة لتطوير الثانوية العامة هي التحفظات التي أبدتها نقابة المعلمين عليها قبل أيام وتفيد أنها لا تحظى بالتوافق بما يحفظ هيبة الامتحان ومخرجاته ولا تراعي حقوق الطلبة، وأن مشروع تقسيم امتحان "التوجيهي" على مدى عامين مع احتساب عشرة بالمئة قابلة للزيادة من العلامات المدرسية في معدل الثانوية وتوحيد المسارات يواجه خلافات في وجهات النظر بين الاطراف ذات العلاقة، لأن الصيغة المقترحة يمكن أن يكون لها انعكاساتها السلبية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والنفسي للطلبة واولياء أمورهم..
إذا ما كان الأردن بحاجة ماسة إلى مراجعة شاملة للبنية التعليمية والتربوية التي تعتري مسيرتها اختلالات كثيرة، فإن الأصل أن يتم اعتماد أي نهج للتطوير والتحديث على أسس علمية وتربوية وفق أحدث المعايير، عن طريق حوار وطني تشارك فيه مختلف الجهات الرسمية والخاصة والأكاديمية وهيئات المجتمع بأطيافها المتعددة، ويستهدف الخروج بقرارات وتوصيات تنهض بالواقع الراهن وتتجاوز مشكلاته، حتى لا تظل أية خطة للثانوية العامة أو غيرها مرهونة في اجتهادات معزولة يدفع ثمنها النظام التعليمي الأردني دوماً!
( العرب اليوم )