عطش النساء

يسمونه المرعب المخيف؛ وهو سعيد ومسرور بهذه اللقب الذي يردده بنفسه، في كل مقام وندوة أو محاضرة يلقيها. فالدكتور كامل العجلوني أكثر من مرعب،ومخيف؛ لأنه الخبير المدجج بالحقائق والأرقام عن مرض بات يتفشى في مجتمعنا بكل حلاوة ونقاوة وبقلاوة!. ولأن الرائد لا يكذب أهله، ولا يداهنهم، ولا يواربهم، لهذا كان هذا الطبيب الصادق، وكلما دق الكوز بالجرة يشن هجوماً علينا؛ لأننا سمحنا للسكري أن يجتاحنا بكل هذه النسب المزلزلة.
أنت مصاب بالسكري، ما لم يثبت العكس. هذا ما يشي به كلام العجلوني في كل محاضرة يلقيها: أنت (حلو)، أو مرشح أن تكون (حلوا)؛ إن كان محيط خصرك أكثرمن (100) سم. (ولهذا خلي مترك بجيبك)!!.
في محاضرة سابقة وضح لنا العجلوني تعريفات السكري وأنواعه ومضاعفاته، التي قد تبدأ باعتلال الكلى، ولا تنتهي باعتلال الشبكية والعمى، وبيَّن تاريخ هذا المرض الموغل في القدم، حتى أن الفرعون رمسيس الثاني، وتحتمس الرابع وجميلة الجميلات الفرعونة (نفرتيني)، كلهم كانوا من الحلوين المبتلين بهذا الداء الذي كان يسمى (عطش النساء). ولا نعلم سرَّ هذه التسمية الجندرية؟!.
نسب المصابين في الأردن بالسكري تزيد عن ثلث السكان، رغم أن كل هذه الحلاوة في دمائنا؛ لا تظهر علينا من خلال كلامنا وتصرفاتنا وتعاملنا ونظرتنا للأشياء في كثير من الأوقات. وسبب هذا الارتفاع الكبير المرعب يعود لسلوكنا الغذائي غير المدروس. فنحن لا نرحم أنفسنا بالطعام، ولا نقاوم المناسف، التي يطلق عليها العجلوني لقب أسلحة الدمار الشامل!.
أعتقد أن كلام العجلوني وأرقامه وتحليلاته وتحذيراته غير مسموعة بالشكل المطلوب واللازم، ولا تؤخذ على محمل الجد، أو بالأحرى لا يراد لها أن تسمع شعبيا وحكومياً، رغم معرفتنا الأكيدة بالنتائج وأدناها أن تبعيات هذا المرض تزيد عن المليار دينار سنوياً، والحل يكمن في تغير سلوكنا الغذائي والحياتي الاجتماعي، والأهم أن تشيع فينا ثقافة الرياضة، وأدناها المشي، والابتعاد عن السمنة والوزن الزائد، والكف عن التباهي بثقافة (كرش الوجاهة)، الذي هو أول الشر، وبداية الدخول في حيز الحلوين: حماكم الله. ( الدستور )