حظر استيراد المركبات لن يمس إلا الفقراء .

تثير القرارات الأخيرة للحكومة، وعلى رأسها حظر استيراد السيارات التي يتجاوز عمرها خمس سنوات، تساؤلات عن الجدوى المتوخاة من هكذا قرار، وإن كانت الحكومة درست التداعيات المقبلة.
معروف أن المركبات في البلاد وصلت إلى حد التخمة مع وجود نحو المليون؛ أي بمعدل مركبة لكل أسرة، مثلما يفهم من قبل الاحصاءات الرسمية، لكن في الواقع يمكن الجزم بأن بعض الأسر تملك 5 مركبات، وأخرى تتمنى الدراجة.
منع الاستيراد لن يمس سوى شريحة الفقراء، التي حققت أحلامها في التسعينيات عند خفض الرسوم الجمركية، ودخول عشرات الآلاف من المركبات مع من عادوا من دول الخليج بعد الحرب الثانية.
فعلياً إن معدل سعر المركبة سنة صنع 2005 فما فوق يتجاوز العشرة آلاف دينار، بالطبع نتحدث عن الكوري وما شابه وليس المركبات الفاخرة، في المقابل فإن المركبات الموجودة حاليا في السوق وسنة صنعها قبل ذلك ستطالها الضريبة الجديدة البالغة 10 في المئة، وسيطرأ على سعرها زيادة إضافية؛ على اعتبار أنها أصبحت ممنوعة من الاستيراد.
مرة أخرى تبحث الحكومات عن الفقراء وتتخصص في معاناتهم؛ إما بفرض ضرائب جديدة، أو اتخاذ قرارات من شأنها أن ترفع أسعار السلع، إذ يعتبر مسؤولون أن زيادة عدد المركبات يضاعف فاتورة الطاقة، ويزيد أزمة المرور.
بيد أن تلك النتائج لم تكن سوى مخلفات لسياسات خاطئة على مدار أعوام؛ كون المسؤول عن زيادة الفاتورة هو الذي لم يستطع توفير بدائل للطاقة، وهو نفسه الذي عجز عن انشاء خزانات للنفط الخام، وذاته الذي لم ينفذ استراتيجيات قطاع النقل بشكل عام، أو أخطأ مرارا في تنفيذ مشاريع ليس آخرها «الباص السريع».
مرة أخرى يتحمل الناس نتائج سياسات خاطئة في إطار قرارات غير مدروسة، ويواجهون أمرا محتوما دون خيارات بديلة، حالة نقل تفتقر لأدنى الخدمات مع صعوبة جديدة في تملك مركبة بسعر مناسب.
وإن كان في المقابل اعفاء سيارات «الهيبرد» لاقى صدى ايجابيا، إلا أن مقدار الاعفاء ما يزال أقل من المطلوب، بانتظار مزيد من القرارات التي يمكن أن تتجاوز المركبات، ولا يُستبعد أن تمنع الحكومة قريبا استيراد دراجات الهواء. ( السبيل )