عرس انتخابي في اقتراع ليبيا رغم التفجيرات في بنغازي و إعلان النتائج الاولية الاثنين

المدينة نيوز - عرس انتخابي" و"يوم عيد" و"حلم جميل"، تعبيرات وتوصيفات متعددة أطلقها الليبيون على اقتراع السبت حين توجهوا لأول مرة منذ خمسة عقود لاختيار من يمثلهم في المؤتمر الوطني، الذي سيتولى السلطة التشريعية في البلاد خلال الفترة الانتقالية القادمة.
ويتوقع اعلان النتائج الاولية "الاثنين او الثلاثاء" بحسب المفوضية العليا للانتخابات.
زغاريد النساء وأبواق السيارات تملأ شوارع طرابلس ومراكزها الانتخابية، وفرق من الشباب تتولى توزيع الحلوى والعصائر على مرتادي المراكز الانتخابية، وحتى في الشوارع العامة.
عندما تسأل أي ليبي في طرابلس عن اليوم، يقول لك على الفور إنه يوم فرح وحبور، يوم مسرة وهناء، الإذاعات المحلية تبث أغاني النصر، ومشاعر الفرح تعم أجواء المدينة.
ولم تمنع الشمس الحارقة ولا الأجواء الساخنة اليوم في العاصمة طرابلس سكانها من الخروج بكثافة نحو صناديق الاقتراع، يقولون إنهم يفعلون ذلك تلبية للواجب الوطني وتكريما لشهداء الثورة.
مشاعر فياضة
قدوم رئيس الوزراء عبد الرحيم الكيب للتصويت في أحد المراكز ألهب مشاعر مئات الليبيين الذين كانوا في طوابير طويلة، فتجمع الكل من حوله، البعض يرقص ويغني، والبعض يأخذ صورا تذكارية مع رئيس حكومة ينتظر أن تغادر المشهد بعد أيام، حين تسلم المؤتمر الجديد مقاليد السلطة في البلاد.
عشرات السيارات تجوب شوارع مدينة طرابلس تحمل الأعلام الليبية وتطلق العنان لأبواقها فرحا وابتهاجا بهذا اليوم. الكل يحتفل، المحلات العامة شبه مغلقة، ولا صوت اليوم في طرابلس يعلو صوت الفرح والسرور الذي ينطلق من كل الأفواه وتقرؤه في كل العيون.
عشرات النسوة الليبيات أصررن على البقاء في أحد المراكز الانتخابية بمدرسة علي أوريط رغم أدائهن لـ"واجبهن الانتخابي"، يزغردن ويغنين أغاني النصر ويرددن أناشيد الثورة، ويقلن إن اليوم يوم الفرح ويوم العرس، والتصويت ليس إلا رمزا لهذا العرس الذي ينبغي أن يعم كل ليبيا، حسب قولهن.
أصوات التكبير والتحميد "الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. ولله الحمد" تملأ الشوارع، عبر أشرطة مسجلة تبث من المساجد والمحلات العمومية، وحتى من السيارات الخاصة.
ترانيم الثورة
السائق فاضل يقول إن ما يصفها بـ"الترنيمة" تعود به إلى أيام الثورة وإلى أيام الجبهات حين كانت تملأ الأفق وتفعل فعلها في نفوس الثوار تأثيرا لا حدود له وطاقة لا نظير لها، إنها اليوم تعيدنا لتلك الأجواء ربما لنتذكر أن هذه الانتخابات نتيجة بسيطة لتلك التضحيات الجمة التي قدمها خيرة شباب ليبيا، داعيا الله أن يتقبل الشهداء ويعافي الجرحى.
أما المواطنة سليمى العامري فقالت إنها "لا تصدق هذا المشهد، إنه حلم جميل، هل تصدق أن الليبيين يختارون سلطتهم بحرية، ويتوجهون مثل غيرهم من شعوب الدنيا إلى صناديق الاقتراع..، البعض يتصور أن الليبيين يبالغون حين يتحدثون عن أنهم في عرس، وأنهم في واقع أشبه بالخيال، ربما لأنهم لم يحرموا من مجرد التصويت لعقود من الزمن".
وأضافت سليمى أن "كل الديكتاتوريات في العالم تنظم انتخابات صورية، يأتي الناس يصوتون ويلطخون أصابعهم بالحبر الأسود ويعودون بأمل إلى بيوتهم ينتظرون النتائج، يتوقعون ويحلمون، هل ستأتي النتائج كما كانت متوقعة، أم ستكون مسرحية، لا يهم، المهم أنها مسرحية جميلة، يحدث ذلك في كل بلدان الأرض إلا في ليبيا، فنحن اليوم بالفعل في عرس وفي حلم جميل ننتظر أن يستمر كذلك، وأن يؤدي بالفعل إلى نتائج مرضية تخرج ليبيا من وضعها الحالي".
ولكن هذا العرس لم يكتمل بعد بسبب غياب بعض مناطق ليبيا عن المشاركة فيه، ويأمل الجميع هنا في طرابلس أن يقدم الغائبون، ويلتحق المتخلفون حتى ينتهي المشهد وتكتمل ملامح وتفاصيل الصورة بكل جمالها وسرورها.
وبدت الانتخابات في مدينة بنغازي أكثر اختلافا عن باقي المناطقة الليبية التي خرجت لاختيار من يمثلها في أول انتخابات بعد رحيل العقيد معمر القذافي.
فلم تنم بنغازي الليلة الماضية لشدة التفجيرات التي هزت عدة مناطق وأحياء فيها، واستهدفت مروحية تحمل مواد انتخابية مما أدى إلى وفاة أحد أفراد الطاقم, مع جو مشحون شهد تسريبات عن احتمال تخريب المراكز الانتخابية من قبل الرافضين لتوزيع مقاعد المؤتمر الوطني. لكن المدينة ردت بالإقبال على مراكز الاقتراع.
صوات انفجارات
ولم تؤثر أصوات الانفجارات في شريحة واسعة من الناخبين تحدثت للجزيرة نت، وأكدت أن الحضور إلى مراكز الاقتراع أفضل رد على مثل هذه التهديدات.
وشوهد للعيان مشاركة عجائز وشيوخ في الاقتراع، مما يعني أن الليبيين يريدون الانتخابات للقفز بالبلاد إلى مرحلة جديدة. وانتظر الناخبون في بنغازي -وبينهم مسنون- ساعات للإدلاء بأصواتهم، رغم حجم المخاطر الأمنية. وقالت الناخبة هنية الزوي إنها انتخبت من أجل استقرار ليبيا، معتبرة هذه الانتخابات حدثا كبيرا على الليبيين المشاركة في إنجاحه بكافة السبل.
أما الناشطة آمال بعيو فقالت "لن نخذل الانتخابات"، متوقعة اتساع رقعة المشاركة بعد زوال الخوف خلال الساعات المقبلة.
وقررت الأم صباح الورشفاني الحضور للاقتراع في دائرة الحدائق، رافضة استخدام السلاح والتفجيرات لتخويف الشعب. كما يشعر الناخب حنبلي العربي السنوسي بالفخر والاعتزاز، ونفى الناخب مفتاح السبيعي (مهندس) الخوف من القنابل، وقال "إننا نطمح إلى بناء دولة ديمقراطية", متهما من أطلق عليهم "أعداء الديمقراطية" بالوقوف وراء التفجيرات والعنف وحرق المواد الانتخابية منذ يوم الجمعة.
وحدة وطنية
كما زارت الجزيرة نت صباح اليوم اعتصاما مفتوحا لرافضي توزيع مقاعد المؤتمر الوطني، وسألتهم عن رد فعلهم بعد توجه الناخبين إلى مراكز الاقتراع، فأجاب سليمان الدرسي بأن اعتصامهم سلمي، معبرا عن اعتراضه على توزيع المقاعد بدون عدالة بين طرابلس وبرقة وفزان.
يشار إلى أن غرب ليبيا يستحوذ على 102 مقعد، والشرق 62، وفزان 38 مقعدا، وهذا ما دعا الدرسي إلى القول إنهم يرفضون البقاء عبيدا تحت غيرهم، مضيفا أنهم حتى هذه اللحظة قادرون على تقسيم ليبيا، لكنه قال "لسنا دعاة تقسيم أو انفصال", مؤكدا أنهم دعاة وحدة وطنية.
وقال إن الشرق طرد فلول القذافي منذ أول أيام الثورة، والآن يطلقون على المطالبين بالعدالة لقب "فلول", وذكر أن "الفلول هربوا إلى طرابلس وهم قادة الثورة حاليا".
ولوّح رافض آخر اسمه مصطفى حسن البرغثي بالذهاب إلى أبعد من الاعتصام السلمي لتحقيق مطالبهم، مؤكدا أنهم يرفضون "شرعنة الباطل" في إشارة إلى الانتخابات. ( الجزيرة - BBC )