هل يلتزمون بعدم المغالاة في الأسعار؟!

حددت وزارة الصناعة والتجارة الحالات التي تعتبر بمثابة مغالاة في الأسعار بموجب تعليمات أصدرتها مؤخراً وأصبحت سارية المفعول بعد نشرها في عدد الجريدة الرسمية الصادر في الأول من شهر تموز الحالي، وهذا يعني أن التجار والمستوردين والمنتجين الذين يشكلون "الوضع المهيمن" من خلال قدرتهم على التحكم والتأثير في نشاط السوق المحلي سيكونون تحت مراقبة دقيقة، من أجل معرفة فيما إذا كانوا يخلون بمبادئ المنافسة التجارية التي تفرض معادلة متوازنة في الهامش الربحي وأجور الخدمات لمنع الاحتكار الذي نعاني منه الأمرين!
الآليات الجديدة لضبط المغالاة في الأسعار التي تفرض نفسها على السوق الأردني منذ زمن بعيد تأتي تطبيقاً لتعديلات قانون المنافسة التي أصبحت سارية المفعول بعد إقرارها رسمياً خلال العام الماضي، وتنص على أن المغالاة في السعر هي أن تقوم المؤسسة التجارية والخدمية المهيمنة على السلعة وبدل الخدمة بتسعير ما تطرحه أو تقدمه بصورة مبالغ فيها وغير مبررة على الإطلاق ولا تعكس التكاليف الحقيقية والتي تتجاوزها بكثير وحتى بمعدلات قياسية!
دلائل عديدة تشير إلى أن السوق الأردني إجمالاً تشوبه اختلالات عميقة في كثير من الأحيان، تتعلق بفرض هامش ربحي واسع على السلع والمواد المختلفة من خلال سلسلة طويلة عريضة من الحلقات التجارية، الكل منها لا يكتفي بنسبة بسيطة وإنما يحاول أن يرفعها إلى أعلى مستوى ممكن، مما يجعل الفارق كبير جداً بين التكلفة الواقعية والسعر الذي يصل إلى المستهلكين مضاعفاً تماماً أو يزيد عن ذلك في غياب دراسات محايدة تحدد لكل طرف ما له وما عليه.
تضمنت التعليمات الجديدة ثلاث آليات اقتصادية يمكن لمديرية المنافسة في وزارة الصناعة والتجارة اعتمادها سواءً أكانت مجتمعة أم منفردة في تحديد حجم المغالاة في الأسعار، وهي مقارنة هامش الربح بسعر البيع بالمقارنة مع التكلفة الفعلية للسلعة أو بدل الخدمة، وكذلك مقارنة الأسعار والأجور نفسها خلال فترات ماضية مع إخضاعها لعملية تقييم مع ما يشابهها من سلع أخرى أو بدلات خدمية، وفي حال تطبيق هذه المعادلات على أسس سليمة تشمل كل ما هو مطروح في الأسواق الأردنية يمكن أن يتم تحديد الجهات التي تخالف قانون المنافسة لكي يتم اتخاذ الاجراءات اللازمة بحقها.
ما قد يعطي لتعليمات المغالاة في الأسعار أهميتها أن تطبيقها الفعلي يبدأ قبيل حلول شهر رمضان المبارك الذي يشهد في العادة تجاوزات لكل الأعراف والأصول التجارية فيما يتعلق بالمواد الغذائية على وجه التحديد، حيث تشهد الأسواق المحلية عمليات ارتفاع غير منطقية في العديد من السلع والمواد المختلفة ويكون الفارق واسعاً بين أسعارها في رمضان وما قبله مع انه لم يطرأ عليها اي جديد سوى أن استهلاكها يتزايد أكثر من المعتاد لاعتبارات طبيعية، ولهذا فإن عيون المواطنين ستكون مفتوحة على الآخر لمراقبة ما ستفعله وزارة الصناعة والتجارة في تعليماتها الجديدة للسيطرة على الأسعار ومنع الاحتكار، وفيما إذا كانت فاعلة على أرض الواقع أم أنها شكلية تماماً لذر الرماد في العيون أيضاً!
( العرب اليوم )