رأس «الأسد» أصبح مطلوبا للثورة!

لم يعد السؤال: هل سيسقط النظام السوري أم لا؟ السؤال المطروح الآن: متى سيسقط؟ وفي أغلب التقديرات ان العد التنازلي لبقاء النظام أوشك ان ينتهي، ربما في غضون أسابيع أو شهور قليلة، هذا -بالطبع- ليس مجرد تخمين، فكل المستجدات التي تجري على الارض تؤكد ذلك.
التصريحات التي اطلقها السفير الروسي في باريس حول “نية” الاسد القبول بعرض “التنحي” بشكل حضاري تبدو صحيحة، فبعد حادثة تفجير خلية الازمة وانطلاق حرب التحرير في معظم المحافظات السورية وصولا الى “قلب” دمشق، اصبح الرئيس مقتنعا أكثر من اي وقت مضى بأن موعد الحسم اقترب، وبأن الحل العسكري فشل تماما، وبأن قصة “العصابات المسلحة” التي ظل اعلام النظام يروّج لها على مدى عام ونصف انكشف ايضا، فما حدث كان “ثورة” شعب، بدأت سلمية ثم انتهت “عسكرية” وليس امامه الآن إلا “الهروب” الى مصيره المحتوم، اما من خلال صفقة تضمن له خروجا آمنا الى اي منفى متاح، او من خلال انتظار “لحظة” يجد فيها نفسه “مطوقا” بعساكر الجيش الحر، وعندها لا احد يعرف اذا ما كان سيودع في “القفص” لينال جزاءه كما حصل مع مبارك او سيقتل كما حصل مع الرفيق القذافي.
مسألة وقت اذن ويسقط النظام، لكن كيف؟ اعتقد ان لحظة الانهيار ستكون مفاجئة، وانها مرتبطة بالرئيس تحديدا، ولنا ان نتصور مثلا السيناريو التالي: امكانية الوصول الى رأس “الاسد” سواء من خلال عملية اختراق امني، او عملية عسكرية لالقاء القبض عليه، او انقلاب مباشر من قبل الحلقة العسكرية الاقرب اليه، عندها سنشهد انهيارا في المؤسسة العسكرية، وتفككا في مفاصل النظام السياسية، وبداية لتشكيل تفاهمات بين اطراف في النظام وبين قوى الثورة في الداخل والخارج وصولا الى مجلس انتقالي مؤقت.. كما حصل في ليبيا تقريبا.
اذن، رأس “الاسد” اصبح مطلوبا كهدف لحسم المعركة، وإذا ما حصل ذلك فان رهانات الحلفاء الأربعة: روسيا والصين وايران وحزب الله ستسقط تباعا، ولن يكون امامهم سوى القبول بالواقع الجديد ومحاولة التعاطي معه.
هنا، بالضبط، تكمن اهمية “اغتيال” القادة الأربعة، باعتبارها المفتاح لحل لغز “اسقاط” النظام من خلال ضربات موجهة الى “قلبه” وقد نجحت في قص “اطرافه” وأصبح من الممكن ان تتوجه الى “رأسه”، وهذا تطور استراتيجي في تعامل الثورة مع النظام، حيث تدرجت في مراحل عديدة بدأت بإنهاكه واستنزافه وتفتيت اجزائه. وانتهت الى إحكام الطوق عليه ومباغتته بضربات مباشرة وقاصمة، وفي العمق ايضا.
الرهان على بقاء الاسد في الحكم لم يعد قائما حتى لدى اقرب حلفائه، ولكن ثمة سؤالين ما زالا معلقين: اولهما من هو البديل؟ وثانيهما كيف ستكون سوريا في اليوم التالي؟ من المبكر -بالطبع- الاجابة على ذلك، لكن المؤكد ان لدى الشعب السوري -بعد كل هذه الدماء والتضحيات- ما يلزم من كفاءات وامكانيات لطرح البديل، وبمقدوره ان يحافظ على “سوريا” العظيمة التي صنعت هذه الملحمة التاريخية ونجحت في انتزاع استقلالها من جديد.
مهما كانت مبررات واسباب من يدفع باتجاه “التنبؤ” ببقاء الاسد ونظامه، ومهما كانت رغباتهم وحساباتهم، فان الدرس الوحيد الذي خرجت منه الشعوب في عصر ثوراتها هو الاصرار على “ازاحة” قتلتها واليقين بحتمية انتصارها.. وسوريا ابدا .. ليست استثناء.. ومن يراهن على سوى ذلك حتما سيخسر؟!