المقاطعة بين الاستراتيجية والموقف السياسي

مصادقة الملك على قانون الانتخاب أحبطت الكثيرين، وجعلتهم يشعرون بانحياز رأس الدولة إلى معسكر «الصوت الواحد» الذي تقوده قوى الريع والشد العكسي.
سيناريو الرهان على الملك في هذه المرحلة تصدع؛ بسبب موافقته على القانون، ولكن تبقى هناك حلول «سيناريوهات» ما زال الملك متواجدا فيها؛ من جنس تأجيل الانتخابات، أو حل «البرلمان والحكومة»، والبدء بمرحلة جديدة.
لكنه في المقابل يجب على المعارضة الإصلاحية بكافة تفصيلاتها من حركة إسلامية وأحزاب وحراكات، ألا تركن إلى أمنيات قدوم التغيير على شكل مكرمة ما زالت إرادة صاحبها مترددة.
ومن هنا تبدو المقاطعة للانتخابات ميدان التحرير الأردني للإصلاحيين، وعليه يجب التنبه إلى طبيعة الصراع القادم مع قوى الريع والسكون الذين لا يريدون تغيرا، ويشعرون بقرب الملك إلى صفهم.
المقاطعة تجد لها اليوم صدى كبيراً في كافة أرجاء المجتمع، فقد دخل مصطلح «مقاطعة الانتخابات» كل بيت، ويردده الأردنيون بشكل سياسي تفاعلي ذي جدوى.
الحكومة إنْ هي قررت المضي في الانتخابات ستحاول تنظيم حملة لكسر جدار المقاطعة، ولعلها بدأت الذهاب إلى المخاتير واستخدام علاقات الأمن ببعض الفعاليات؛ لحثهم على المشاركة واتهام المقاطعين.
على المقاطعة يبدأ الصراع، وهو صراع وتنافس يهدف في النهاية إلى منع إجراء انتخابات ستكون وبالا على البلد، وتدشيناً لحائط يقودنا إليه مجموعة لا تعرف إلا قراءة ما يكتب على أنوفها.
لذلك يجب أن تكون المقاطعة حالة استراتيجية، وليست مجرد موقف سياسي؛ بمعنى أنه يجب نقل الجهد من مرحلة المقاطعة السلبية إلى الدعوة إليها وإسقاط الانتخابات.
لا حياء في ذلك، فقوى الريع والشد العكسي لم تصبهم الحدود الدنيا من الحياء حين تحالفوا وجاؤوا بـ»الصوت الواحد»، وسربوا القناعات به حتى إلى القصر.
وعليه يجب استنفار كل القدرات التي يملكها الشارع الحراكي والقوى الإصلاحية؛ من أجل مواجهة الانتخابات مبكرا، وجعل مطبخ القرار يدرك أنه ذاهب إلى عبث لا مصلحة للوطن فيه.
أتمنى ألا تُفرض هذه المواجهة على الأردنيين، وأرجو أن تستعيد الجماهير الملك من هذه الزمرة الريعية، عندها ستكون الحلول متوافرة، والمأزق إلى زوال.
( السبيل )