مطلوب تشريع واضح وصريح يمنع التوقيف والحبس في قضايا المطبوعات والنشر

تم نشره الأحد 03rd أيّار / مايو 2009 04:39 مساءً
مطلوب تشريع واضح وصريح يمنع التوقيف والحبس في قضايا المطبوعات والنشر
يحيى شقير

تحتفل دول العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة اليوم. ويتم في هذا اليوم استذكار تضحيات الصحافيين في مهنة المتاعب. وفي هذا اليوم تقوم اليونسكو بتلسيم جائزة جليرمو كانو لحرية الصحافة، وهو صحافي كولمبي دفع حياته ثمنا لتحقيق كان يجريه حول تهريب المخدرات.

قبل تقييم وضع حرية الصحافة في الأردن نتساءل: ماذا تعني حرية الصحافة أولا؟
تعني حرية الصحافة ثلاث كلمات: حرية التماس المعلومات وتلقيها وبثها من دون تدخل ، وهذه الكلمات الثلاث تتكرر في كافة المواثيق الدولية لحقوق الإنسان عندما يتم الحديث عن حرية التعبير والرأي.

غني عن القول أن الأردن دولة طرف في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وتم نشر ذلك في الجريدة الرسمية بتاريخ 15/6/2006 كما تم نشر الميثاق العربي لحقوق الإنسان في الجريدة الرسمية، وبدأ نفاذه مؤخراً بعد تصديق 7 دول عربية عليه.
إذا، حرية الصحافة حق من حقوق الإنسان، وانتهاكها هو انتهاك لحقوق الإنسان.

لا يمكن أن يتم احترام حقوق الإنسان وكرامته ومكافحة الفقر والبطالة والفساد من دون ضمان حريتي التعبير والصحافة التي تعتبر مكبر الصوت لأي انتهاك إضافة إلى عملها على وقف الإنتهاك وإعادة الحقوق لأصحابها ومعاقبة المنتهكين.

 ونستذكر، ونستنكر، في مجال إعاقة حق الصحافي ببث المعلومات ما حدث مع الزميل ياسر ابو هلالة مراسل فضائية الجزيرة عندما أراد بث معلومات عن معتصمين كانوا يتضامنون مع غزة على مقربة من سفارة إسرائيل بعمان.

وأصبح حق الوصول إلى المعلومات الحجر الأساسي في ضمان حرية التعبير والرأي، وحرية الصحافة، حيث لا يمكن إعمال حق حرية التعبير من دون حق الوصول إلى المعلومات.
لماذا الوصول إلى المعلومات؟
من دون معلومات لا يمكن إعمال:
1- حق حرية التعبير وإتخاذ القرار من عدة بدائل.
2- حق الانتخاب والمشاركة في الشؤون العامة للدولة كمناقشة السياسات ومشاريع القوانين.
3- مراقبة الحكومات.
4- كشف انتهاكات حقوق الانسان.
5- كشف الفساد وترهل أجهزة الحكومة.
6- تسهيل إقامة المشاريع التجارية والاقتصادية.

ومن المعلوم أن اغلب المعلومات موجودة عند السلطة التنفيذية ومؤسساتها، ولترجمة مبدأ الشفافية والمشاركة في اتخاذ القرار يجب التسهيل على الصحافي للحصول على المعلومات لنشرها وايجاد سوق حرة لمناقشتها والوصول إلى اكبر قدر من الاتفاق عليها.

ينص قانون المطبوعات والنشر  رقم 8 لسنة 1998 وتعديلاته في المادة 8:-
أ- للصحافي الحق في الحصول على المعلومات، وعلى جميع الجهات الرسمية والمؤسسات العامة تسهيل مهمته وإتاحة المجال له للاطلاع على برامجها ومشاريعها وخططها.
ب- يحظر فرض أي قيود تعيق حرية الصحافة في ضمان تدفق المعلومات إلى المواطن أو فرض إجراءات تؤدي إلى تعطيل حقه في الحصول عليها.
ج- مع مراعاة أحكام التشريعات النافذة، للصحافي تلقى الإجابة على ما يستفسر عنه من معلومات وأخبار وفقا لأحكام الفقرتين (أ) و (ب) من هذه المادة وتقوم الجهة المختصة بتزويد الصحافي بهذه المعلومات أو الأخبار بالسرعة اللازمة وفقا لطبيعة الخبر أو المعلومة المطلوبة إذا كانت لها صفة إخبارية عاجلة، وخلال مدة لا تزيد على أسبوعين إذا لم تكن تتمتع بهذه الصفة.
د- للصحافي وفي حدود تأديته لعمله، الحق في حضور الاجتماعات العامة وجلسات مجلس الأعيان ومجلس النواب وجلسات الجمعيات العمومية للأحزاب والنقابات والاتحادات والأندية والاجتماعات العامة للهيئات العمومية للشركات المساهمة العامة والجمعيات الخيرية وغيرها من مؤسسات عامة وجلسات المحاكم العلنية ما لم تكن الجلسات أو الاجتماعات مغلقة أو سرية بحكم القوانين أو الأنظمة أو التعليمات السارية المفعول الخاصة بهذه الجهات.

ورغم النصوص السابقة إلا أنه يوميا يتم انتهاك حق الصحافيين في الحصول على المعلومات ليس من الحكومة ومؤسساتها فقط إنما من السلطة التشريعية ومثال ذلك مجلس الأعيان الذي يمنع الصحافيين من تغطية جلساته وجلسات لجانه.

أما مجلس النواب فقد كان أول من رفع قضية ضد الصحافيين بعد التحول الديمقراطي وإقرار قانون المطبوعات رقم 10 لسنة 1993 وكان ذلك في أيار 1995 كما كان أيضا آخر من رفع قضية ضد صحافي وهو الزميل خالد محادين، وفي كلتا القضيتين وما بينهما من حوالي 400 قضية كان القضاء النظامي هو الحارس الأول لحرية الصحافة.

 لقد سجل الأردن جول على طريقة الرياضة بإقراره أول قانون ضمان حق الحصول على المعلومات في العالم العربي والوحيد حتى الآن.

وصدر القانون بتاريخ 17/6/2007 كأول قانون من نوعه في العالم العربي. وجاء في الأسباب الموجبة لمشروع القانون ان حرية الوصول الى المعلومات اصبحت الحجر الاساسي في الحريات الصحافية والعامة. وغني عن البيان ان اغلب المعلومات متوفرة لدى السلطة التنفيذية ومؤسساتها، ولترجمة مبدأ الشفافية والمشاركة في اتخاذ القرار لا بد من اتخاذ الخطوات التشريعية والتنفيذية التي من شأنها التسهيل على الصحافي والمواطن للحصول على المعلومات.

 ولإعمال حق المواطن في المعرفة والحصول على المعلومات هناك ضرورة لإجراء تعديلات جوهرية على قانون حماية أسرار ووثائق الدولة رقم 50 لسنة 1971 ومن دون ذلك لن يكون لقانون ضمان حق الحصول على المعلومات الفاعلية الكافية.

ويشكل قانون حماية أسرار ووثائق الدولة نظاماً كاملاً للسرية ويتنافى مع مبدأ الكشف الأقصى Maximum disclosure للمعلومات.
يشار انه في جلسة مجلس النواب بتاريخ 25/1/2006 ورداً على أسئلة أحد النواب زودت الحكومة المجلس بتقرير ديوان المحاسبة حول مخالفات وقعت بمؤسسة التدريب المهني، لكن رد الحكومة تضمن عبارة سري ومحدود على كافة أوراق الرد مع تحذير للصحافة بعدم نشر الرد مع عبارة ايضاحية تقول: إن هذه الوثيقة ومرفقاتها مصنفة بدرجة (محدود) وهي خاضعة لقانون حماية اسرار ووثائق الدولة رقم 50 لسنة ،1971 وان إفشاءها لغير الأشخاص المصرح لهم الإطلاع عليها أو طباعتها أو نسخها أو نشرها من قبل أي شخص فإنه يتعرض للمسؤولية القانونية والجزائية، وفقاً لأحكام القانون المذكور الذي يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تقل عن عشر سنوات. ومن المعروف أن محكمة أمن الدولة صاحبة الإختصاص في النظر في الجرائم المرتكبة خلاف قانون حماية اسرار ووثائق الدولة.

وحسب قانونها تختص محكمة أمن الدولة أيضا دون غيرها بالفصل في الجرائم الآتية:
1- الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي والخارجي المنصوص عليها في قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960
 ((أي المواد من 110 حتى 153). ((تم توسيع إختصاص محكمة أمن الدولة هذا بالقانون المؤقت رقم 44 لسنة  2001 بولاية حكومة علي ابو الراغب)).
2- الجرائم الواقعة على السلامة العامة المنصوص عليها في المواد من (157)الى (168) من قانون العقوبات رقم 16 لسنة .1960
وإن كان لا يجوز التوقيف في مخالفة قانون المطبوعات والنشر فإنه يجوز إذا كانت الجنحة أو المخالفة من اختصاص محكمة أمن الدولة.
وللمقارنه فقد نصت المادة 41 من قانون تنظيم الصحافة في مصر على حظر توقيف الصحافي إلا في حالة واحدة وهي ذم رئيس الجمهورية.
كما تنص المادة (135) أصول الإجراءات الجنائية في مصر على:لا يجوز الحبس الإحتياطي في الجرائم التي ترتكب بوساطة الصحف.
ويمكن الاستفادة من تجربة مصر في هذا المجال فقد نصت المادتان (40و41) من قانون تنظيم الصحافة في الجرائم التي تقع بوساطة الصحف لا يشترط حضور الظنين أو المتهم شخصياً بشرط إنابة وكيل عنه ( محام) إلا إذا أمرت المحكمة بحضوره شخصياً.

توصيات:-
 إذا أردنا إحداث تغيير حقيقي في الأردن بشأن الحريات الصحافية يوصى بالتالي:-
1- إنهاء العقوبات السالبة للحرية في الجرائم المرتكبة بوساطة المطبوعات وجرائم الرأي، وإصدار تشريع واضح وصريح يمنع التوقيف والحبس في قضايا المطبوعات والنشر.
2- إلغاء المصطلحات المطاطية الواردة في التشريعات التي تحتمل اكثر من تأويل أو تفسير.
3- تعديل قانون حماية اسرار ووثائق الدولة رقم 50 لسنة 1971 ليتوافق مع المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لتسهيل الحصول على المعلومات.
4- النص على محاكمة الصحافيين بشكل حصري امام المحاكم النظامية، ونزع اختصاص محكمة أمن الدولة في ذلك.
5- تعديل قانون نقابة الصحافيين وتسهيل دخول الراغبين بالإنتساب اليها وفتح باب الانضمام للصحافيين العاملين في الصحف الحزبية والصحافة الالكترونية.
6- النص على إنهاء مُلكية الحكومة أو القطاع العام في اسهم الصحف.

العرب اليوم



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات