استمعوا لمفاتيح الدولة

بالاستماع إلى وجهات نظر كثيرة من المفاتيح المحسوبة على الحكومة وأجهزتها، من وزراء متقاعدين ونواب على رأس عملهم، وسياسيين و أبناء دولة، نكتشف حجم الرفض لتصريحات وممارسات حكومة فايز الطراونة التي تشكلت قبل نحو ثلاثة أشهر.
فتصريحات الرئيس منذ أن وضع قدميه في الدوار الرابع (قبل التشييك) وهي تسبب حرجا كبيرا لكل أطراف الحكم، وفي كل العناوين، بدءا من النظرة الاستعلائية للحراك الشعبي، والتي ختمها مؤخرا في تقسيم الحراك لعدة فئات حتى وصل إلى الفئة الثالثة وأطلق عليها (قليلة الأدب)، إلى تصريحاته حول الانتخابات والمشاركة فيها.
تصريحات الطراونة وممارسات الحكومة وأجهزتها، تأتي في مواجهة مزاج شعبي غاضب وساخط على كل شيء، وكأنها لا تُقرأ ولا تصلها نتائج الاستطلاعات الرسمية والأمنية حول ما يحدث في البلاد.
لم تقدم شيئا في الموضوع الاقتصادي والغلاء الذي وصل إلى كل شيء، حتى أساسيات الحياة، وضاقت على المواطنين اكثر في شهر رمضان، ومع هذا لا تمارس أية سياسة ترشيدية تشعر المواطن أنها قريبة منه.
تُركت كل المشاكل المفتوحة في البلاد وقامت بعد نصيحة من عبقري بتسييج الدوار الرابع في رسالة تعيسة إلى الحراك الشعبي تؤكد فيها انها قادرة على مواجهته بطرقها المبتكرة.
ويبدو أن العبقري ذاته هو الذي نصحها ايضا باقتحام اعتصام الأيتام ومجهولي النسب ليلا وضرب المشاركين فيه، (هل هناك عاقل يضرب يتيما في شهر رمضان؟).
لم تُعالج مشاكل حياتية تمس حياة المواطنين، فأصبح تأمين مترين من المياه مشكلة تؤرق معظم المواطنين، اضافة إلى مشكلة الكهرباء التي تنقطع عن مناطق عديدة.
حتى الموقف المتزن من الموضوع السوري الذي طغى على أيامها السابقة، انقلبت عليه بشكل لافت ، مما منح أعداءها ذخيرة جديدة، واسقط من أيدي مناصريها ـ وهم قلة ـ فرصة الدفاع عنها.
من دون جردة حساب لأعمال الحكومة يكتشف المرء أننا أمام حكومة تعمل من دون برنامج، وبنظام القطعة (يوم بيوم) فقط تسيير أعمال وتأمين رواتب بصعوبة بالغة آخر الشهر.
لهذا فإن مطلب حكومة إنقاذ وطني الذي توسعت فئات المطالبين فيه، أصبح أيضا مطلب رجالات محسوبين تاريخيا على الدولة وأجهزتها، وهي ما وصلت إلى هذه القناعة سوى استشعارها بخطورة بقاء حكومة تعمل يوميا على زيادة حجم الغضب الشعبي، ولا تمارس أية سياسة تخفف عن المواطنين، وتمنحهم الأمان والطمأنينة.
اذا كان كلام المعارضة لا يطرب صناع القرار، فلنستمع إلى كلام مفاتيح الدولة، وهم الآن اقرب إلى رأي المعارضة، فلا تتركوهم ينتقلون إلى خندقها.
(العرب اليوم )