..نجح في الفصل الأول!

حبر كبير سيسيل تحت جسور الحكم الجديد في مصر. وسيحاول الكثيرون من كُتّاب الحادث اليومي أن يجدوا تفسيرا لاستسلام القيادة العليا للجيش وخضوعها لمراسيم رئاسة الجمهورية في احالات عدد كبير منها إلى التقاعد.. ثم، وهذا الأهم، أخذ وصايتهم على السلطة التشريعية، وحصرها بالرئيس في غياب مجلس الشعب!!.
هل اخضع الرئيس د. مرسي قادة الجيش، بكسب الصف الثاني من هذه القيادة، ووضعه في مواجهة طنطاوي ومجموعته؟!. أم أن قوى غلابة كالولايات المتحدة هي التي اقنعت قيادة الجيش بالعودة إلى معسكراتها، واطلاق يد القوى الشعبية المصرية في تشكيل المرحلة المقبلة؟!. أم أن هذا لها وهذا لها كما يقولون، وتبقى واشنطن واثقة من امساكها بالخيوط كلها؟!.
كل حكم.. من ثورة 23 يوليو إلى ثورة يناير بدأ بإزاحة ما قبله.. فبإسم الثورة قضى عبدالناصر على الأحزاب، وعلى النظام الحزبي، وعلى فاروق، وعلى نفوذ السفارة البريطانية .. معاً!!. واقام نظامه الذي اعتمد الجيش حتى في التنظيم الجماهيري للاتحاد القومي، وللتنظيمات التي تبعت .. وحين جاء خليفته ابن مجلس قيادة الثورة أنور السادات ضرب في 15 مايو ضربته بوضع كل «الناصريين» في السجن من وزير الدفاع والقائد العام، إلى مسؤول التنظيم الطليعي في حزب الدولة، إلى مدير المخابرات. وحكم منفرداً بمعونة الانفتاح ورجاله، والأميركان، ثم بمعاهدة السلام في كامب ديفيد التي أصبحت محور سياسات مصر الداخلية والعربية والدولية. وحين جاء حسني مبارك لم يجد أعداء له فحكم بيسر ودون ضجة، وعاد إلى الحظيرة العربية وعادت جامعة الدول العربية إلى بيت الطاعة، وكان اجتياح الكويت فرصة لزعامة مصرية جديدة للعالم العربي لولا الحضور الأميركي الطاغي ومشاركة حافظ الأسد!!.
الآن. واحد من الإخوان المسلمين يجلس في احد قصور محمد علي حاكماً لمصر، تتكرر المشاهد مع بعض التفاصيل لسيناريو الحكم الجديد، فالحكم متصالح مع الجيش عبر الولايات المتحدة، و«مكوش» على المشهد الداخلي في عزل كامل للأحزاب التي بلغت حتى الآن الأربعين حزباً، ووضعها داخل هامش الأحداث العريض القابل لاستيعاب الهواة من أهل السياسة وأهل الفيس بوك والتويتر وغيرها!!.
حتى الآن نجح د. مرسي في الفصل الأول. هذه جملة سمعتها من خالد محيي الدين عام 1980 لدى زيارتي له في بيته: وقتها قال لي: مبارك نجح في الفصل الأول!!.
( الراي )