غوغاء وسفهاء!

على وقع الانتفاضة العارمة التي اجتاحت مسلمي العالم، انتصارا لرسولهم محمد، صلى الله عليه وسلم، استوقفتني عدة مشاهد، سأحاول أن أكثفها هنا بكلمات موجزة..
+ ثمة لافتة رفعها ثوار سوريا أكثر من جارحة، تقول: لدينا فيلم أسدي يعرض منذ 18 شهرا يسيء للرسول ورب الرسول! حقا، هو كذلك، وما يتضمنه هذا الفيلم يفوق ما فعله الفيلم البذيء المسيء لنبينا بمراحل، فلكم أوذي رسولنا في حياته، وبعد مماته أيضا، ولكنه لم يغضب على من أساء إليه، ولا على من أغرى سفهاءه بضربه وشتمه، غير أن وجهه كان يتميز غضبا كلما أوذي أحد من أمته، ولنتذكر هنا دعاءه الشهير بعد رحلته الدعوية إلى الطائف، حيث أغرى القوم سفهاءهم وصبيانهم فضربوه صلى الله عليه وسلم، وسال الدم على قدميه، وكأني أنظر إليه وهو يستريح تحت ظلال شجرة، رافعا كفيه إلى السماء، شاخصا ببصره إلى خالقة عز وجل وهو يقول: «اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِي، وَقِلَّةَ حِيلَتِي، وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، أَنْتَ رَبُّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبِّي، إلى مَنْ تَكِلُنِي؟ إلى بَعِيدٍ يَتَجَهَّمُنِي؟ أَمْ إلى عَدُوٍّ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي؟ إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَلَيَّ فَلاَ أُبَالِي، وَلَكِنَّ عَافِيَتَكَ هِيَ أَوْسَعُ لِي، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ، وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ مِنْ أَنْ تُنْزِلَ بِي غَضَبَكَ أَوْ يَحِلَّ عَلَيَّ سَخَطُكَ، لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِكَ»
ترى، لو كان بيننا حبيبي رسول الله الآن، ماذا كان سيقول بشأن «فيلم» سوريا، والفيلم البذيء ذي المنشأ الأمريكي؟ أيهما كان سيغضبه أكثر ويحرك الدم في عروقه؟
+ جوجل ترفض طلبا من البيت الأبيض بسحب مقطع الفيلم المسيء للنبي صلى الله عليه وسلم من موقع «يوتيوب» وتقول أنها فرضت مزيدا من القيود على إمكانية مشاهدة الفيلم في عدد من البلدان منها مصر والهند، امتثالا للقانون المحلي، وليس استجابة لضغوط سياسية، حسنا، لا تهمني الكثير من التفاصيل هنا، جوجل هو موقع إلكتروني، والبيت الأبيض لا يحكم أمريكا فحسب، بل له كلمة مسموعة في كثير من دول العالم، ولكنه «يطلب» في صيغة أقرب ما تكون إلى الرجاء، وجوجل ترفض، ونحن نعرف قادة دول وزعامات يقرأون أفكار سادة البيت الأبيض، كي يعرفوا ما يريدون لتنفيذه فورا، قبل أن «يطلب» منهم شيئا!!
+ كلينتون تدعو الدول العربية لمقاومة ما سمته «استبداد الغوغاء» الذين هاجموا سفارات أمريكا في الشرق، حسنا، أنا لست مع مهاجمة السفارات وبالطبع ضد إسالة دم أي أحد في تلك الهجمات، سفراء كانوا أو مهاجمين، ولكن استوقفني الوصف» استبداد الغوغاء» هؤلاء «الغوغاء» أنفسهم الذين امتدحتهم السيدة العجوز حينما خرجوا على حكامهم، مطالبين بالحرية والكرامة، وهم أنفسهم الذين حرق الفيلم دمهم، فلم يستطيعوا كبح جماح غضبهم ثأرا لنبيهم، فحرقوا سفارات ورموزا أمريكية، لم لا تضرب السيدة العجوز على أيدي سفهاء الغرب، كي نضمن لها لجم غوغاء الشرق!؟
جاء في الحديث المرفوع
«خَابَ قَوْمٌ لا سَفِيهَ لَهُمْ»
وفي هذا يقول سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَجُلا اسْتَطَالَ (تعدى) عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى ، فَانْتَصَرَ لَهُ أَخُوهُ، فَقَالَ مَكْحُولٌ : ذُلَّ مَنْ لا سَفِيهَ لَهُ . وَمِنْ كَلامِ الشَّافِعِيِّ : لا بَأْسَ بِالْفَقِيهِ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ سَفِيهٌ يُسَافِهُ عَنْهُ!
( الدستور )