« سكن كريم » .. مبادرة نوعية وتنفيذ دون الطموح

المدينة نيوز - لم تجد مبادرة «سكن كريم» طريقها لتحقيق الغاية التي أرادها جلالة الملك منها حين إطلاقها بتوفير السكن الملائم لذوي الدخل المحدود، بسبب عوامل ظلت تشكل معيقات حقيقية أمام المستفيدين.
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني أطلق عام 2008 المبادرة الملكية السامية «سكن كريم لعيش كريم» التي تهدف الى توفير أكبر عدد ممكن من المساكن بأسعار معقولة عبر تخفيض العبء على المواطنين بايجاد تكلفة تناسب أصحاب الدخول المحدود.
المبادرة الملكية التي جاءت هدية من الأب الراعي لشعبه، الحريص على راحتهم والساهر على أمنهم، لتشكل مكرمة لمن تقطعت بهم السبل في تأمين الحياة والعيش الكريم من خلال هذه المبادرة الكريمة، لم تؤت أكلها كما أرادها القائد جلالة الملك، فكانت المعوقات والثغرات التي واجهت المبادرة تقف دائما بالمرصاد دون إكمالها بالصورة المطلوبة.
شكاوى المواطنين كثيرة على طرق التنفيذ السيئة مثل التصاميم التي لا تخدم الاسرة بأي شيء وعدم توفر البنية التحتية والخدمات والتي كان من أهمها المدارس والمراكز الصحية والتجارية داخل الاسكان وبعدها عن الخدمات الاخرى. وكان من ضمن الشكاوى ايضا وجود الكلاب الضالة في أحد المشاريع وعدم وجود إنارة كافية داخل المشروع.
هذا المشروع الوطني الذي كان يعول عليه في توفير مئة ألف شقة خلال خمس سنوات، انقضى تماما، حيث تم إنشاء 8446 شقة لم يبع منها سوى 2200 شقة منذ انطلاق المبادرة عام 2008 والباقي لم يتم بيعه رغم حملات التسويق المكثفة.
وكعادة جلالة الملك المتابع دوما للمبادرات التي يتم إطلاقها لخدمة المواطنين، فإن جلالته عندما وجد أن هذه المبادرة لم تكن بمستوى الطموح، قام بتوجيه الحكومة لمراجعة هذا الخلل واتخاذ الإجراءات اللازمة بما يناسب الطبقة المستهدفة من المبادرة وتحقيق غاياتها.
«الدستور» تلقت سيلا من شكاوى المواطنين الذين امتلكوا بعضا من هذه الشقق يطالبون فيها المسؤولين بأن يجدوا حلا لمطالبهم التي لم تنفذ والتي كانت وزارة الاشغال وعدتهم بها مثل تأمين المدارس لأبنائهم لعدم وجود مدارس في هذه المساكن التي تبعد عن أقرب مدرسة مسافة 2 إلى 5 كيلومترات، وأيضا مشاكل الصرف الصحي التي أصبحت تهددهم بكارثة صحية، وكذلك التشطيبات الداخلية للشقق التي لم تكن بالمستوى المطلوب فهناك تصدعات بالمباني وعفن بالدهان واهتراء بالمرافق الصحية وكأن هذه الشقق بنيت منذ سنوات طويلة.
ومما زاد أيضا من عزوف المواطنين عن شراء هذه الشقق أن عددا من البنوك التي كانت وقـّعت على اتفاقية تمويل قروض شراء لشقق «سكن كريم» توقفت عن الالتزام بها؛ ما زاد في صعوبات التمويل ووضع المشروع في أزمة. وللحديث عن ذلك، قال نائب مدير عام مؤسسة الاسكان والتطوير الحضري المهندس محمود جميل إن ثلاثة بنوك توقفت عن تمويل الشراء من مشروع «سكن كريم لعيش كريم»، ورهنت تراجعها عن القرار وعودتها للتمويل بعدة شروط.
وقال المهندس جميل لـ»الدستور» إن أسباب التوقف تعود إلى وصول القروض لاحد هذه البنوك إلى حد الاحتياطي الاجباري الإقراضي الذي تم التوقيع عليه مع وزارة المالية، قبل مباشرتها بتقديم التسهيلات البنكية اللازمة للمستفيدين، وكذلك مطالبة البنوك الاسلامية بتفعيل استكمال قانون الصكوك الإسلامية؛ الذي هو الان قيد الطرح النهائي أمام مجلس الاعيان بعد أن تم إقراره من قبل مجلس النواب، وكذلك طالبت هذه البنوك بالإعفاء من ضريبة الدخل على القروض الممنوحة لمشاريع سكن كريم.
وبين جميل أنه تم عقد اجتماع مؤخرا مع ممثلي البنوك التجارية التي توقفت عن التمويل، لنقل مطالبهم للحكومة لبحثها، والتنسيب من قبل المؤسسة لرئيس الوزراء بتشكيل لجنة تضم في عضويتها مندوبين عن وزارة المالية والبنك المركزي الأردني والمؤسسة العامة للإسكان، حيث وافق رئيس الوزراء على تشكيل هذه اللجنة في الخامس من أيلول الحالي لدراسة الموضوع وتحفيز البنوك على الاستمرار في عملية التمويل للمستفدين من مشروع سكن كريم.
( الدستور )