لماذا هذا الإقبال على اقتناء الذهب ؟

يتزايد اقبال بعض الأردنيين على اقتناء الذهب بكميات كبيرة في هذه الأيام ، ممن حتما لا يعانون من ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة وتضيق بهم السبل في حياتهم المعيشية اليومية، فالكشف عن ان حجم المعدن الأصفر النفيس الذي اشتراه الاردنيون بلغ اربعة ملايين غرام منذ بداية العام الحالي حتى نهاية شهر اب الماضي قد لا يكون طبيعيا ، وربما تتجاوز دواعي هذا التهافت على شرائه للمناسبات المتعارف عليها من حفلات زواج وتخرج وعودة مغتربين وما الى ذلك من مواسم اخرى يزينها البريق الذهبي الخالص مهما غلى ثمنه!
ما يدعو الى التساؤل حول الأسرار التي تدفع الأردنيين الى شراء الذهب بكميات ومبالغ كبيرة ان اسعاره مرتفعة خلال الأيام الاخيرة وما قبلها، بعد ان وصل سعر الغرام من عيار 24 الى حوالي اربعين دينارا و 21 الى خمسة وثلاثين دينارا و 18 الى ثلاثين دينارا والليرة الرشادي 252 دينارا والليرة الانجليزي 217 دينارا، مسجلا ارتفاعا عن الشهر الماضي بما قيمته ثلاثة دنانير ونصف الدينار للغرام الواحد في الأسواق المحلية.
تعزو نقابة تجار الحلي والمجوهرات أسباب ارتفاع أسعار الذهب عالميا إلى زيادة الطلب عليه خاصة من قبل الصناديق السيادية وصناديق الادخار العالمية، ونظرا للبيانات الاقتصادية الامريكية التي جاءت محبطة وفق آراء المحللين، بالاضافة الى الاضطرابات السياسية في الشرق الأوسط والأوضاع الاقتصادية الدولية عموما، بما اسهم بفعالية في توجيه المستثمرين لشراء الذهب كملاذ امن لحفظ مدخراتهم ! .
من غير المعروف مدى تأثير ارتدادات أحداث الربيع العربي على انتعاش أسواق الذهب المحلية، وفيما إذا كان المقتدرون الذين يملكون الودائع والمدخرات يفضلون ان يلجأوا الى المعدن الأصفر في تحويل اموالهم الى ممتلكات اكثر استقرارا من النقد ايا كان من الدينار أو العملات الصعبة، وهذا ما كان معتمدا في الأيام الخوالي حينما تعتري الأوضاع العامة مؤثرات لها انعكاساتها على الواقع المحلي، إلا ان تزايد الاقبال على المصوغات الذهبية يعتبر ظاهرة تستدعي التحليل الاقتصادي والمالي الموضوعي البعيد عن التفسيرات الظاهرية التي تطفو على السطح ! .
لكن من المفترض ان يراعي من يقبلون على اقتناء الذهب من المواطنين الذين تنطبق عليهم الحالة المادية التي تسمح لهم بذلك ان لا يضعوا كل رهاناتهم في سلة مالية واحدة كما يقول المثل، فالاجدى ان يتم توظيف فوائضهم النقدية في مشاريع واستثمارات واعدة نحن بأمس الحاجة اليها، حتى لا تودي المضاربات والتذبذبات التي يشهدها السوق العالمي في الذهب وغيره من المعادن النفيسة بين فترة واخرى بنسبة غير هينة من اموالهم قد تضيع في خسارات لم يحسبوا لها أي حساب ! . ( العرب اليوم )