فض سيرة المجلس النيابي

لدى أشقائنا المصريين عبارة أكثر وضوحاً تقول: "فض مجالس"، وذلك للإشارة الى الكلام قليل الأهمية.
سنتان خاصتان أمضاهما هذا المجلس جمع فيهما كل التناقضات؛ فقد بدأ عهده بموقف موالاة غير مسبوق لحكومة أسقطها الناس (الناخبون افتراضاً) في الشارع، وختمها بمحاولة بدت جدية لإسقاط آخر حكومة. لقد حصل ذلك مع أننا لو دققنا قليلاً في قلوب الأغلبية النيابية لوجدناها أقرب الى الحكومة التي كان يريد اسقاطها، منها الى الحكومة التي منحها تأييداً استثنائياً.
عاش المجلس خليطاً ظريفاً من المحافظة والاصلاح، فقد قال رئيسه ذات يوم بأن الدستور خط أحمر، وبعد ذلك بأشهر أجرى المجلس ذاته تعديلات مهمة على هذا الدستور، والغريب أن ذلك تم تحت ضغط السلطة التنفيذية، التي لو أرادت المزيد من التعديلات الدستورية لنفذها بحماس.
شهدت جلسات المجلس انفعالات وصلت حد الاشتباك بالأيدي، بحيث لو رآنا غريب، لقال أن في الأردن نواباً جديين أكثر من اللزوم، لكن جلسات أخرى شهدت خفة وصلت حد تهريب النصاب لغايات المناكفة، آخرها الجلسة "جابت آخرة" المجلس كله.
تعالوا ننظر الى نصف الكأس الممتلئ؛ لماذا لا نعتبر ذلك دليلاً على اكتمال التجربة البرلمانية الأردنية؟ لقد انتهى الكلام عن حساسية التجربة النيابية والتخوف على مصيرها ومسارها، بحيث صار لدينا مجلس "عادي" سواء حضر أو لم يحضر. ( العرب اليوم )