لمن يطهون الحصى في سوريا ؟

كان من ضريبة الاقدار السرمدية على الشعب السوري ان يقع فريسة لاثنين من دهاة العرب ودهاقنتها في صراعهما المستمر المستميت على ايهما يحكم دمشق، وكان ابناء سوريا وحدهم من يدفع الثمن، وهو ثلاثة وثلاثون الفاً من الذين سقطوا منذ بدء الثورة 15/3/2011 وقبل ذلك بثلاثة عقود كان الثمن عشرين الفا من ابناء حماة.
وقد اوردت الانباء ما ذكره مسؤولون سوريون عن وجود ما يقارب من خمسة آلاف مقاتل اجنبي على الارض السورية من اتباع السلفية الجهادية وتنظيم القاعدة في بلاد الشام ومجموعات فتح الاسلام الفلسطينية بزعامة العقيد طيار شاكر العبسي، ويقابلهم اضعاف ذلك العدد من فيلق القدس الايراني الذي كشف عن وجوده الجنرال جعفري اثناء زيارته الى دمشق.ومعهم في اصطفاف طائفي مماثل سرايا جيش الامام المهدي العراقية التي ارسلها السيد مقتدى الصدر من حوزته في الكوفة ويتحالف معهم خبراء في حرب المدن والمفخخات من كتائب حزب الله اللبناني.
ولكن الشعب السوري في مجموعه يرفض هؤلاء العقائديين الاسلاميين المتشددين، بل يريد حكماً آخر يليق بما اعتاد عليه من تحرر وانفتاح.
وحتى في صفوف المعارضة السورية التي تمتشق السلاح كجزء من الجيش السوري الحر تجد من يستنكر الممارسات التي يرونها في صفوف المتشددين من السلفيين الجهاديين الذين وصلوا من مصر وليبيا والانبار ودول اخرى.
لقد قامت جامعة (كارلتون ومركز بكتر للراي العام ) باجراء استفتاء خلال شهر تموز الماضي بين 1168 من اعضاء المعارضة السورية يمثلون شريحة صادقة عن المجتمع السني والعلوي والمسيحي والكردي والاشوري وتبين ما يلى :
كان 55% من اعضاء الشريحة دون ال35 سنة من العمر.
كان 80% ممن تمت مقابلتهم من العرب.
وكان 14% من الاكراد, و5 % من المسيحيين والجركس والتركمان والدروز.
وكانت الاجوبة على ذلك الاستفتاء ان 79 % يؤيدون حقوق الاقليات سياسيا ودينيا, ولا يمانعون في انتخاب احد ابناء الطائفة العلوية عندما تستقر الاحداث.
وكانت اجابات 68 % من السوريين المقيمين في الداخل انهم يفضلون النزاهة الشخصية للمرشحين في الانتخابات حتى لو كانوا علمانيين غير متدينين.
وكانت جميع تلك الاجابات بين كوادر المعارضة السورية في الداخل والخارج.
ولهذا الاستفتاء دلالات عميقة اخرى، وهي ان الحرب النفسية التي مارستها وزارة الاعلام الرسمية قد بالغت في تصوير حضور واعداد الجهاديين السلفيين هناك، واستخدمت كذخيرة في مخططاتها السياسية تصريحات القيادات السلفية كالشيخ الشلبي والطحاوي الذين لم يدركوا المرامي البعيدة من اعادة اذاعة تصريحاتهم في وسائل الاعلام الايراني واللبناني والسوري.
لقد نجح الاعلام السوري الرسمي في تصوير ثورة الشعب لاستعادة كرامته وحقوقه بانها محاولة لاقامة دولة طالبان ثانية او لفرض هيمنة حكومة بن لادن على غوطة دمشق او مسعى التنظيم الدولى للاخوان المسلمين لاقامة دولة الخلافة في القاهرة وتونس ودمشق.
ولم تكن مبادرة الفريق محمد الداب او كوفي انان او الاخضر الابراهيمي الا استمراراً لعملية الدهاقـنة وهم يطهون الحصى بينما 33 الفا من ابناء الشعب يُـقـْتـَـلون. ( الرأي )