صُنّاع الجمال في وزارة الثقافة

في عمان مبنى لا يعرفه كثيرون، يجتمع فيه يومياً عشرات الأطفال والفتيان يتعلمون شتى صنوف الفنون التشكيلية والموسيقى.
الفنان التشكيلي محمد العامري يقود مجموعة من زملائه الفنانين والموسيقيين، الذين يعملون في مديرية تدريب الفنون التابعة لوزارة الثقافة، ويقومون بلا كلل برعاية مواهب هؤلاء الأطفال والفتيان، والمديرية تقدم هذه الخدمة بالمجان، وهذا يعني أنها تتيح المجال للموهوبين من أبناء شتى الطبقات الاجتماعية، وهذه مسألة مهمة للغاية.
في كل مرة أوصل فيها ابنتي التي تأخذ دروساً في الرسم، أجد العديد من طلاب المركز يجلسون على المداخل والأدراج يحملون أدواتهم الموسيقية أو لوحاتهم الفنية، وكل منهم يستعرض بفرح وبقدر من التباهي موهبته أمام زملائه وأمام الداخلين الى المبنى، ويحرص قسم منهم منذ الآن على اتقان هيئة الفنان أو جلسة العازف، وهو مشهد جميل.
هذه المديرية من المؤسسات التي تعمل بهدوء وتبني الثقافة على المدى الطويل، فبلا شك، أن عدداً من فناني المستقبل سيكونون قد مرّوا من هذا المبنى وتعلموا على أيدي هؤلاء الأساتذة الفنانين المعطائين، فكما هو معروف، هناك الكثير من الفنانين المبدعين حقاً، لكن قلة منهم من هو مستعد لأن يعطي من فنه وابداعه للآخرين.
لقد بلغ استعدادهم للعطاء الى درجة أنني تجرأت (وأنا اليوم في الخمسينيات من عمري) على سؤال الفنان الخلوق أيمن غرايبة عن بعض أمور في مجال الرسم، ولم يتردد عن "تعليمي" إياها وبسعة صدر، وكلي يقين أن باقي زملائه لا يقلون عنه عطاء.
أرجو أن تشاركوني توجيه التحية لصناع الجمال هؤلاء. ( العرب اليوم )