ﻣﻦ أﺛﺮ الغناء

أرتقُ باسمكَ، هذا الشهيّ كحبّات خوخٍ، ما نقصَ من اسمي، فاعتن بي، وضَمِّـد الطريقَ الذي يسيلُ من قدميّ. لقد جئتُكَ كاملاً؛ ما تركتُ مِنّيَ شيئـاً لأحـد، أحملُ كلَّ آلات الغناء معي: لأغنّي تحت جذع بيتك. فتكتبُ الطالباتُ العابرات ما أقول، يرددنه نشيد انشادٍ جديد؛ يقرأنه قبلَ القُبلة الأولى، وتقرأهُ النساء في أسبوع الخصب ليتمَّ حملهُنّ، وتدهنُ به الفلاحات باب البيت ليجلب الحظَّ ويردّ كيد الخالات. لكنّي كتبتهُ لك وحَسبْ، بغرض أن لا يظلّ شيء يقولهُ لكَ غيري. وهُنا، بحدّ منزلك ستنهضُ إن ذهبتُ شجرتان، من أثرِ العناق، وسيقول الذين لم يسمعوا سوى الغناء إنّهُما من أثر الغِناء. لكنّي لا أنامُ مُطمئنـاً وأنتَ هُناك. أظلُّ بقلبٍ يقظٍ وعينٍ تجوس في الهواء، تفحصُ رائحة الذين يمرّون، وترفعُ الحصى عن طريق كل رجلٍ وامرأة، عيني التي أرسلتُها لكل هذا العناء لا ترى غير غيمٍ أزرق بسيط حين لا تراك، ولا ترى غير غيمٍ أزرق بسيط حين تراك! اضحَك لي إذاً؛ اضحَك لي يا حبيبي. ليصلُح شأن بيتي، وليصلُح زجاج النافذة المكسور، ولتشفى طفلتي المريضة، اضحَك لي ولا تضحك لغيري فجيوبهم ملأى بالنقود. أنا الذي كلما مرّ بكَ غريبٌ والتفت نَقَصَت نقود وعُد.. إن تذكُر بيتنا؛ أو عُد الى أي بيتٍ، الهمُّ يا حبيبي أن تظلّ ماشياً بعد غروب الشمس، والهمُّ أنني في الليل لا أسمعُ نَفَسَـكْ، لكنني بيدي العمياء عن كل أحد أرسمُ كل ليلةٍ طريقاً على باب بيتي لا تسعُ غيرك. فعُدْ، أو عُد الى أي بيتٍ فيه أرملةٌ او عروس، لأنَّ كل عروسٍ هي أنــا، وكل أرملةٍ أنــا. أناديكَ بكلِّ اسم هو لَك؛ أن تسكنني معك؛ في أحد اسمائِك! أو تصنعني شُبّاك السماء على بيتك، وأن تجعلني المغفرة والأخطاء معاً، لأن الأنفاس التي أُنفقها في غير فمك هواء يابسٌ يُجَرّحُ الحَلقَ، والطرق التي أمشيها لغير بيتك أسباب كبيرةٌ للندم، فأنا الذاهبُ اليك في كل أرض، والمرتجي وجهك في كل وجه، كأن كل ما دونك كان ذريعة خلقك، فكيف لا تجيء إلَيّ وأنا هنا المتروك لم يسقط ندى على بيتي منذ أربعين ليلة، ولم يقع صوتك في حِجري، ففي غيابك لم تنشر غسيلها امرأة، ولم يقع فتى في الهوى، لأنك يا صغيري صغيرٌ على الغياب، طريّ على المشي وحيداً، و ... أرقّ من أن تترك امرأة تنتحب وراءك في الحقول؛ تظلّ تقلّب النجمات نجمةً نجمة، وتغرس أظافرها في فلوات القيظ، كأنما تستحلف الليل أن يلدك من مكائد النهار، أو تُقبّل كفّ النهار أن يحملك على هودج الليل! كأنما حين خرجتَ سقطَ اسمُ الأم من مكانِهِ، أو أن ضوءاً انطفأ في زينة الأعراس! لو أنني شجرة عاليةٌ، أو أنني ليلٌ.. لكنتُ أراك من فوق كتفِ الغياب أو لو أنك "صوتُ الأذان"، الذي هناك، لأسمعك!.(الغد)