الرأي العام لن يقتنع

تم نشره الخميس 25 تشرين الأوّل / أكتوبر 2012 01:09 صباحاً
الرأي العام لن يقتنع
نبيل غيشان

أي قرار برفع الدعم سيخرب الأجواء الإيجابية التي أشاعها خطاب الملك .


 يبدو أن الحكومة غير مقتنعة بحساسية المرحلة خاصة أننا مقبلون على انتخابات نيابية تقاتل أطراف من أجل إفشالها، فقد خرجنا من اجتماع مع دولة رئيس الوزراء د. عبدالله النسور بأن قرار رفع الدعم عن المحروقات قادم وأن المسألة لم تعد بيد الحكومة الملتزمة مع صندوق النقد الدولي والخائفة على سعر صرف الدينار، بعد ان اقترب العجز في الموازنة العامة من 75 % من الدخل القومي وهو ما جعلها تتخطى الخطوط الحمر.


 رئيس الوزراء لم يقل أن حكومته ذاهبة لا محالة الى رفع الدعم لكنه وضع الصحافيين في أجواء (من دون مبالغة) تقول إما الرفع أو الكارثة، محمِّلا الحكومات السابقة كل المسؤولية في تسويف اتخاذ قرارات صعبة، وعرّج على أن حكومته بامكانها أن تتجاهل الحقائق وتمضي فترتها الانتقالية "قمره وربيع" لكن المشكلة لن تحل.


 وكان الرئيس واضحا "لازم نوخذ قرارات صعبة...بدكوا تساعدوني، بدي اياكوا تظلوا معي... اذا ننقذ الاقتصاد نكون وطنيين". اذا الرسالة واضحة لا لبس فيها، قرار رفع الدعم عن المحروقات وهناك عشرات السيناريوهات في البديل أي أسلوب الدعم للشرائح الفقيرة والمتوسطة الدخل.


 فهل يصبح عيدنا بعيدين او سعرين، نعيِّد على أسعار المحروقات الحالية وبعد العيد نصبح على أسعار جديدة؟


 لا يختلف اثنان على أن العلة الاردنية في الاقتصاد لا في السياسة، وهناك إحجام واضح من قبل الدول العربية التي كانت تقدم المساعدات المالية دعما للموازنة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والحجة المتداولة "وجود الفساد"، لذلك تقتصر المساعدات الخليجية اليوم على دعم المشروعات وليس على تقديم "الكاش".


 الصحافيون نصحوا رئيس الوزراء بأن "الكي آخر الدواء وليس أوله" وأن الظروف المحلية والاقليمية غير مؤهلة لاستقبال قرار بحجم تعويم أسعار المحروقات، وأن أي قرار من هذا النوع سيعطي المعارضة والمرشحين للانتخابات "وقودا ملتهبا" لانتقاد النظام السياسي ومجمل الدولة وهو ما سيصب في خانة تصعيب عملية إجراء الانتخابات النيابية ودفع الناخبين الى خيارات غير مريحة، فإما تراجع نسب الاقبال على الصناديق او انتخاب أشخاص غير مؤهلين او مغامرين.


 لا يمكن الاقتناع بوجهة نظر الحكومة وتبرير قرارها في رفع الدعم من أجل تخفيض قيمته الى 216 مليون دينار حسب وصفة صندوق النقد الدولي، من دون التساؤل عن الجدوى من "عصر جيوب الناس" في ظل غياب قانون عادل للضريبة يخفف قيمها على الشركات والبنوك الكبرى، وفي ظل استمرار "الحكي عن صفقات غير عادلة" في بيع شركة الكهرباء، وفي ظل غياب الشفافية عن أسعار استيراد المحروقات وتسعيرها وفي ظل مراوحة رؤوس الفساد في مكانها.


 المعادلة باتت واضحة، لن يقتنع الاردنيون بما تطرحه الحكومة من أسباب موجبة لقرار رفع الدعم عن المحروقات ولن يثقوا بأية آليات لتوزيع الدعم على مستحقيه لان ما سيأخذه المواطن بيد سيدفعه بالأخرى بعد انفلات أسعار المواد والسلع والخدمات، وايضا لن تستطيع الحكومة في ظل أوضاعها الحالية إنقاذ الاقتصاد، لكن التوقيت في اتخاذ القرار هو الاهم، فاذا اتخذ في وقت مناسب كان مقنعا وتمريره سهلا، لكن اذا اتخذ في وقت خطأ فإنه سيزيد الطين بلة وستضطر الحكومة كسابقتها الى التراجع عنه تحت ضغط الشارع.


 لقد أعاد خطاب جلالة الملك يوم الثلاثاء الماضي التوزان للدولة وأطلق أجواء جديدة في التعامل مع الاردنيين، ووضع نقاطا كثيرة على الحروف. كما أن القرار الملكي بالافراج عن "الحراكيين" فكك أزمة صامتة كانت تتطور بخبث؛ لذا فإن مثل هذه الاجواء الايجابية سيخطفها أي قرار حكومي غير عقلاني لا يأخذ مواقف ومخاوف الناس بالحسبان.


 وكل عام والاردن بخير، شعبا ونظاما وارضا.

( العرب اليوم )

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات