جامعية أردنية تؤسس "لمسة عطاء" لصيانة المدارس الفقيرة بأموال متبرعين

المدينة نيوز - قاد مساق دراسي في مجال التعلم الخدمي طالبة في الجامعة الهاشمية إلى تأسيس جمعية خيرية تنموية تطوعية بعنوان "لمسة عطاء" للعمل الإنساني والتطوعي بهدف صيانة وترميم المدارس في مختلف مناطق المملكة وخاصة الفقيرة والنائية منها.
الطالبة في كلية العلوم التربوية دانية الخطيب عرضت تجربتها في التعلم الخدمي خلال مشاركتها في فعاليات "المؤتمر الدولي الختامي لأعمال مشروع دمج التعلم الخدمي والشراكة المجتمعية في مناهج التعليم العالي" الذي نظمته الجامعة أمس.
الخطيب سعت إلى تطبيق ما تعلمته من مساق "علم نفس اللعب" على الصفوف المدرسية، فاختارت في البداية "مدرسة الأندلس الأساسية المختلطة"، بحكم قربها من مكان سكنها لتطبيق هذه الاستراتيجية القائمة على تصميم ألعاب تربوية وإشراك الطلبة في ممارستها.
تفاجأت الخطيب كما تقول بواقع المدرسة التي تتبع لمديرية تربية وتعليم عمان الرابعة وتدرّس من الصف الأول حتى السادس، فالصفوف مكتظة، والتجهيزات المدرسية قديمة، والأبواب مكسورة، والمقاعد مهترئة.. مدرسة "مستأجرة" تداوم بنظام الفترتين.
تمتمت دانية بينها وبين نفسها "لا يمكن خلق جو مرح ليوم واحد أو يومين حسب خطة المساق التعليمي وترك الطلبة بقية الأيام في هذا الجو البيئي السلبي"، وأضافت "لا بد من فعل شيء لتحسين المدرسة".
وبدأت الفكرة بعمل تنظيف وصيانة للمدرسة، التنظيف سهل وبسيط وغير مُكلف، لكن الصيانة تحتاج إلى "مال"، فعزمت على فكرة أخرى.. "جمع تبرعات"، فتواصلت مع سيدات الحي القريب من المدرسة اللواتي تقبلن الفكرة، وبدأت بسيدات الحي اللواتي تربطها معهن جيرة أو صداقة أو معرفة، ثم كل أم لديها ابن أو ابنة في المدرسة، سقف التبرعات الفردية كان 20 ديناراً، والكثيرات تبرعن بدنانير قليلة.
ونجحت بجمع 180 ديناراً خلال يومين، فانطلقت مع مجموعة من طالبات الجامعة الهاشمية في ورشات الطلاء "الدهان"، والرسم على الجدران، وتصليح الأبواب، وطلاء المقاعد، والسبورات، وشراء ستائر جديدة بلونين "أزرق" و"زهري"، وتم إعادة ترتيب المقاعد داخل الغرفة الصفية فأضحت أوسع وأسهل للحركة، وتم عمل أيام تطوعية لألعاب الأطفال، وتطبيق استراتيجية التعلم الخدمي في "علم نفس اللعب".
ولتأكيد إنجاز العمل وإثبات الثقة قامت المتطوعة الخطيب بتوزيع شهادات تقدير وشكر للسيدات المتبرعات.
اختتم المشروع الأول، وحصدت الثقة بالنفس والطموح، وبانتهاء الفصل الصيفي الماضي تابعت خلال شهر رمضان البرنامج الشهير "خواطر" وكيفية إنجاز الأعمال التطوعية وتطويرها، فألهمها لمزيد من العمل، وروجت من خلال صفحة "الفيسبوك" لِما قامت به في مجال صيانة وترميم المدرسة، فجمعت عددا من المتطوعين، والداعمين والمتبرعين من داخل الأردن، وفكرت في مشروع آخر لكن هذه المرة في المناطق الفقيرة، واختارت "مدرسة حطين الأساسية المختلطة" في حي الأمير محمد في منطقة الغويرية وهو من الأحياء الأفقر والأكثر كثافة سكانية في مدينة الزرقاء، مدرسة تأسست قبل سبعين عاماً، وتعمل بنظام الفترتين، وتُدرس من الصف الأول حتى الثالث.
تواصلت مع المسؤولين ومديرة المدرسة والمعلمات والطلبة وعدد من الأهالي وأولياء الأمور؛ الجميع كان "متشجعاً ومتحمساً" للفكرة، وعدد منهم شارك فريق المتطوعين العمل والتنفيذ.
ذهبت لمديرية التربية والتعليم في قصبة الزرقاء، وقدمت فكرتها، واطلعت على المطلوب إنجازه في المدرسة، فكان: صيانة شاملة وترميما، والعطاء المنوي طرحه لذلك بكلفة 15 ألف دينار.
تحمست أكثر للتحدي الأكبر ففريق العمل أضحى أكبر حجما بـ30 متطوعاً من طلبة الجامعات بتخصصات مختلفة وعدد من الخريجين وأولياء الأمور وأهالي الحي، الأعمال التي تحتاج إلى مهارات وجهد ولا يتقنها أعضاء الفريق تُركت لعمال مهرة من الحي كأعمال صيانة الكهرباء، وتمديد شبكات المياه، و"القصارة"، وبعض أعمال الحدادة.
تم إعادة "الشباب" للمدرسة "الكهلة" والفرح لـ"صباحات" التلاميذ: فأنجزت أعمال القصارة والترميم، و"السقوف المتساقطة" لُوّنَت بألوان زاهية، وتم وضع عوازل الرطوبة، وأنجزت صيانة شاملة للكهرباء، وصيانة شبكة المياه، وصيانة المراوح، وتم إنجاز أعمال الديكور "التعليمي"، وصيانة المقاعد والأبواب وطلاؤها بالألوان المناسبة، وزينت الجدُران الداخلية والخارجية بالاستعانة بمواهب "شبان البخاخ" برسوم تعليمية وترفيهية محببة للتلاميذ كفراشات في مروج خضراء، وأشكال هندسية، وشمس ساطعة على الجدار، وسفن وأسماك في مياه زرقاء... .
تضيف الخطيب "عملنا حسب المواصفات المطلوبة في العطاء والكميات المعتمدة"، ولكن أبدعنا بالألوان، والرسوم، وإعادة توزيع المقاعد داخل الغرف الصفية، وتوزيع الإنارة في الغرفة الصفية بشكل جديد، وإنشاء مظلة خارجية في الساحة المدرسة العامة، وتم استشارة الطلبة بالأشكال والرسومات المحببة لهم التي تناسب أعمارهم.
وتقول: إن المشروع الذي قُدرت كلفة عطائه بـ15 ألف دينار، أنجزناه كفريق تطوعي بمبلغ 5.700 دينار فقط، جُمعت من متبرعين خلال أقل من شهرين. وتستطرد بحساب الكلف بعد أن كسبت "خبرات" في هذا المجال: "إن صيانة "وترميم" 30 مدرسة- خلال عام - حسب عطاءات وزارة التربية والتعليم تكلف 600 ألف دينار" بينما تكاليف مشاريع الصيانة لهذا العدد من المدارس حسب كلفة "مشاريع التطوع" لا تكلف أكثر من عُشر هذا المبلغ بقليل أي حوالي 66 ألف دينار.
المحطة الثالثة في رحلة التطوع كانت في تأطير المبادرة وتوثيق نشاطاتها من خلال تأسيس جمعية "لمسة عطاء" للعمل الإنساني والتطوعي؛ وهدفها الأساسي صيانة وترميم المدارس في مختلف مناطق المملكة وخاصة الفقيرة والنائية منها، لجعلها بيئات تعليمية سليمة وجاذبة ومحببة للأطفال.
"الغد"