قراءة في زيارة الملك عبدلله الثاني لرام الله

تم نشره الأحد 09 كانون الأوّل / ديسمبر 2012 02:12 مساءً
قراءة في زيارة الملك عبدلله الثاني لرام الله

المدينة نيوز - نشرت صحيفة القدس الفلسطينية الاحد مقالا للكاتب الفلسطيني احمد رفيق عوض قرأ فيها زيارة جلالة الملك الى رام الله ننشره كما ورد :

كان العاهل الأردني هو الأسرع في زيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة عقب صدور القرار الأممي بقبول فلسطين عضواً غير مراقب في الأمم المتحدة، مستوى الزيارة الأرفع و مستوى السرعة يعكسان تماماً رغبة الأردن و قلقه أيضاً من الخطط الاسرائيلية السرية و العلنية بالعبث بالأمن و الجغرافيا و الديموغرافيا و النظام في الأردن، و بهذا فإن وجود دولة فلسطين- تحت الاحتلال أو فوقه- هي صمام أمان حقيقي ليس فقط للأردن و انما للأمن القومي العربي الاستراتيجي كله، و من هنا، وجب على الجميع دعم فلسطين، شعباً و مقاومة و صموداً، ان بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه مهما كان الثمن يمثل أعلى قيمة من قيم النضال القومي والتاريخي والانساني.


زيارة الملك عبد الله الثاني الى الأرض الفلسطينية المحتلة، على خلفية القرار الأممي و على خلفية القرار الاحتلالي باستمرار و تعميق الاستيطان، تمثل موقفاً أردنياً واضحاً و صلباً في عدم التعاطي مع الاطروحات الاسرائيلية القائلة بدولة فلسطينية في الأردن، أو القائلة بتكوين «بنولوكس» ثلاثي يضم الأردن و الأراضي الفلسطينية و اسرائيل، و معنى هذا ان يتم التخلص من الفلسطينيين و قذفهم الى الحضن الأردني ضمن ترتيبات تخلو من السيادة او الاستقلال.

ان فكرة «البنولوكس» التي يكثر الحديث عنها تعني أيضاً ان يتحمل الأردن كلفة الاحتلال، و هو ما يرفضه بالـتأكيد النظام و الشعب الأردني الشقيق و الأصيل: فليس الآن وقت الهدايا المجانية و لا التنازلات المؤلمة التي تأكل اللحم الحيّ. ان الأردن الآن، الذي ينوء بأثقاله و أحماله الاقتصادية و الذي يشهد حراكاً سياسياً استغرق حتى الآن عامين، لن يحمل أو يتحمل أخطاء الاحتلال و سياساته و خططه..

و لهذا فإن من مصلحة الأردن العليا أن تقوم دولة فلسطينية على أرض الشعب الفلسطيني، دولة لا تشكل عبئاً و لا خطراً و لا تهديداً، و بعيداً عن تلك العلاقات العميقة بين الضفتين، فإننا الحديث يدور عن احتلال يريد أن يكبر و يتضخم و يعيش على حساب شعوب المنطقة و ثرواتها،و قد يقول قائل ان هناك هشاشة ديموغرافية تسمح للمحتل ان يعبث بالساحتين الفلسطينية و الأردنية، وقد يقول قائل ان اسرائيل تريد منا جميعا ان نؤدي ادوارا معينة هنا أو هناك، و لكنني أقول أن الوضع الداخلي- لنا جميعاً- لا يسمح بذلك أبداً،فمصالحنا و أولوياتنا جميعاً هي المهددة، بل وجودنا مهدد أيضاً، و بالتالي فإن موقفاً أردنياً فلسطينياً واضحاً و محدداً سيكشف السياسة الاسرائيلية و خططها التوسعية، و ان موقفاً مثل ذلك سيساهم أيضاً في تهدئة الأوضاع و توفير اجابات حقيقية لأولئك الذين يتظاهرون في شوارع المدن الأردنية و يبدد مخاوفهم و تساؤلاتهم ويصوب و يحدد مطالبهم.

ان تصويب العلاقة مع المحتل على المستوى الأردني و الفلسطيني سيجعل من أي حراك شعبي يزيد من صلابة الموقف الرسمي و تعزيز السياسات الداخلية بما يضمن الكرامة و الرخاء و المشاركة.

و في لقاء موسع و حميم مع السفير الأردني في رام الله السيد عواد خالد السرحان قال فيه ان الاصلاح في الأردن يكتسب أهمية متزايدة، لأنه ليس اصلاحاً سياسياً فقط و لكنه اصلاح متعدد الجوانب و معقد الآلية، فالأردن مهدد بالجغرافيا، و محتقن بالتعددية و محاصر بقلة الموارد و مطالب بأدوار لا يستطيعها ولا يريدها، تحدث السفير بألم و استفاضة و لكن بأمل كبير، فقد قال ان ما يحدث في الأردن ينعكس في فلسطين سلباً و ايجاباً، و هذا صحيح تماماً، و لأن ذلك كذلك، فقد سارع الملك الى زيارة رام الله، ليقول للفلسطينيين انه معهم و يدعمهم، و ليقول للأردنيين أنه لن يخضع للخطط الاسرائيلية السرية و العلنية التي تتراوح ما بين دولة فلسطينية في الأردن أو ائتلاف ثلاثي يتحمل فيه الأردن عبء الاحتلال و كلفته، و ليقول للاسرائيليين ان عهد فرض الوقائع بالقوة قد انتهى.

و قد يقول قائل ان زيارة الملك، و ان كانت تدفن حل الوطن البديل أو الدولة البديلة، الا انها تمهد الطريق أيضاً الى تدخل أكبر في الشأن الفلسطيني من خلال المشاركة في مفاوضات جديدة مع الاسرائيليين، و ان الأردن قد يلعب دوراً مستقبلياً في هذا الشأن، و للرد على ذلك نقول ان الفلسطينيين دائما ما يتحركون بين قطبين هما الأردن و مصر، و اذا كانت الدولة الفلسطينية العتيدة ستقوم على أعتاب البيت الأردني، فهي بالتأكيد ستشرف على تفاصيل كثيرة.

و لكن الأهم في هذا كله، هو الحفاظ على الثوابت الفلسطينية و الأردنية، التي هي ثوابت واحدة، لان الخطر و الضرر و المصلحة و المستقبل توحدها. و تتمثل هذه الثوابت في شعار واحد: فلسطين للفلسطينيين و الأردن للأردنيين، في دولتين حرتين كريمتين مستقلتين بينهما علاقات هي الأوثق و الأعمق يحددها الشعبان في اللحظة المناسبة ، بعيداً عن المحتل و سياساته و أطماعه طال الزمان أم قصر.

 

الكاتب احمد رفيق عوض



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات