شمال العراق يساعد السوريين "وإن غضبت بغداد"

تم نشره الجمعة 11 كانون الثّاني / يناير 2013 02:33 مساءً
شمال العراق يساعد السوريين "وإن غضبت بغداد"

المدينة نيوز - تسير حليمة السورية أكثر من 10 كيلو مترات على الأقدام كل يوم للوصول إلى الجانب العراقي من الحدود مستفيدة من تغاضي حرس الحدود العراقيين عن مطالبتها بإبراز جواز السفر وتأشيرة دخول مسبقة لأسباب "إنسانية"، لتقوم بشراء لترات من المحروقات وبيعها في الجانب الآخر من الحدود، لإعانة أسرتها التي تعاني في ظل الصراع المسلح الذي تشهده بلادها منذ 22 شهراً.

من منطقة "شلكي" على الجانب العراقي من الحدود، تتحدث حليمة جمعة في العقد الخامس من العمر، لمراسل وكالة الأناضول للأنباء عن الأوضاع المعيشية الصعبة التي تعيشها قريتها السورية الحدودية "باني شكفتي"، ولم يدفعها لهذا العمل الشاق سوى مرض زوجها لتتمكن من توفير لقمة العيش لأفراد أسرتها الخمسة.

وتسرد حكايتها قائلة: "الأموال التي أحصل عليها من عملي هذا لا يعادل الجهد الكبير الذي أبذله، لكني مضطرة لمساعدة زوجي وأطفالي الصغار، لست وحدي أفعل ذلك، العديد من نساء القرية دفعتهن صعوبة الأوضاع الاقتصادية إلى العمل".

وتمر "حليمة" وعشرات آخرين من الأكراد السوريين من الصبية والرجال والنساء إلى الجانب العراقي من الحدود لكسب قوت أسرهم، دون أن يكونوا مضطرين إلى إبراز جوازات السفر أو الحصول على تأشيرة مسبقة للدخول، وذلك لأسباب تعود إلى تساهل قوات "البيشمركة" مع قضيتهم كونهم من بني جنسهم، إلى جانب الأسباب الإنسانية التي تتعلق بالأوضاع التي تمر بها سوريا.

لكن، هذه التسهيلات في شمال العراق وهو إقليم يتمتع بالحكم الذاتي، لا ترضي الحكومة العراقية في بغداد، بل وأغضبتها، وكاد أن يؤدي ذلك إلى صدام مسلح بين الجيش العراقي وقوات البيشمركة في يوليو/ تموز من العام الماضي، قبل أن يتم احتواء الأمر، لكن قوات الطرفين لا تزال تقف قبالة بعضها البعض.

وسمحت إدارة إقليم شمال العراق، ومن باب التعاطف مع السوريين، حتى الآن بوصول نحو 60 ألفاً من اللاجئين، وقامت بتوطين نصفهم تقريباً في مخيم كبير أنشأته، فيما سمحت وبشكل استثنائي للآخرين بالعيش في المدن بل وحتى العمل وكأنهم أبناء المنطقة.

في المقابل، ورغم وجود منافذ حدودية رسمية بين البلدين في المناطق التي تديرها الحكومة العراقية بشكل مباشر، إلا أن بغداد لم تسمح سوى بدخول أقل من 10 آلاف من اللاجئين السوريين لأراضيها، وقررت إبقاءهم في مخيمات محكمة بالقرب من الشريط الحدودي بين البلدين، ومنعت عنهم الحركة إلى خارجه.

وأشار جبار ياور، المتحدث باسم وزارة البيشمركة بإقليم شمال العراق، في مؤتمر صحفي عقده الأربعاء (9 يناير/ كانون ثان الحالي) إلى أن الإقليم سعى لدى بغداد لافتتاح معبر حدودي رسمي في مناطقهم مع سوريا، وسعت أيضا لإقامة جسر على نهر الخابور الذي يفصل شمال العراق عن سوريا في إحدى المواقع الحدودية، "إلا أن بغداد ودمشق لم ترضيا".

وأضاف ياور "ومع ذلك فان الحركة لا تزال مستمرة عبر الحدود مع سوريا، رغم أن ذلك يعد انتهاكا قانونيا ودستورياً، أخطرتنا إزاءه الحكومة الفدرالية في بغداد بشكل رسمي مرات عديدة، وقالت لنا إن حركة المرور عبر الحدود في تلك المناطق غير شرعي.. الأمر ذاته كاد يؤدي إلى صدام في الفترة الماضية".

ودفع دفع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في يوليو/ تموز الماضي بقواته إلى الشريط الحدودي مع سوريا في المناطق الواقعة تحت سيطرة إقليم شمال العراق لإحكام السيطرة على كامل الحدود مع سوريا، بعدما أطلعت على تقارير نشرها الاعلام وتحدث عن تدفق اللاجئين السوريين على الإقليم.

وتحولت منطقة شلكي 60 كم غرب محافظة دهوك والواقعة على الحدود العراقية السورية إلى ممر لدخول النازحين السوريين إلى شمال العراق، ولنقل البضائع إلى سورية، ويدخل يوميا من خلال هذه المنطقة بين 200 ــ 400 شخص سوري لشراء ما يريدون من المحروقات والمواد الغذائية والسجائر، ويأتي السوريون بأغنامهم ومواشيهم وطيور الدواجن لبيعها في الجانب العراقي.

ومن هناك تحدث السوري جاسم صالح 44 سنة لـ "الأناضول"، قائلاً "نأتي إلى هنا من الجانب الأخر للحدود يوميا لشراء البنزين ونقله إلى سورية حملا على الأكتاف نقطع مسافة أكثر من 10 كيلومترات، نبيعه هناك بنحو دولار وربع، ونربح أقل من نصف دولار على اللتر الواحد.. "صحيح الأرباح قليلة لكننا مضطرون لأننا نواجه أوضاعاً معيشية صعبة في بلدنا".

ويمضي بالقول "إن قوات البيشمركة التي تسيطر على المنطقة لا تضايقنا، لكننا نرغب أن يتدخل المجتمع الدولي لفتح معابر إغاثية في المنطقة لإيصال المعونات الإنسانية للسوريين".

وكان رئيس حكومة إقليم شمال العراق نيجيرفان البارزاني كشف في مؤتمر صحفي عقده في أربيل في 7 يناير/ كانون الثاني الجاري عن مساعي لتفعيل نقطة بيشخابور الحدودية لإيصال المساعدات إلى سورية، وأكد أن مساندة الإقليم لمواطني المناطق السورية إنساني".

وتثير الأنباء التي ترد من داخل سوريا، بشأن صعوبات الحياة المعيشية ونقص المواد الغذائية قلقاً على المستويين الشعبي والرسمي في إقليم شمال العراق، حيث تنظم بين حين وآخر حملات لجمع المساعدات تقودها منظمات غير حكومية.

ويقول مدير التوعية والاعلام بوزارة البيشمركة، هلكرد حكمت، لوكالة "الأناضول"، إن قوات البيشمركة على الحدود مع سوريا لا تغلق الحدود بوجه المواطنين السورين القادمين سواء بصفة لاجئين أو ممن يأتي إلى القرى الحدودية لشراء احتياجاتهم من البنزين والمواد الغذائية والأدوية".

ويضيف حكمت أن وزارة البيشمركة طلبت مؤخراً منظمة الصليب الأحمر الدولية بفتح مركز لها في المنطقة القريبة من الحدود السورية لتقديم المساعدات للسوريين.

وقال ديندار زيبار، معاون رئيس دائرة العلاقات الخارجية بحكومة اقليم شمال العراق، إن عدد اللاجئين السوريين في شمال العراق وصل إلى نحو 60 ألف شخص، يحتاج الإقليم إلى دعم مادي دولي لتأمين توطينهم وتقديم مواد الاغاثة لهم.

وأضاف لوكالة "الأناضول"، "قدمت الأمم المتحدة خلال 2012 مبلغ 6 ملايين دولار لشمال العراق كمساعدة في موضوع اللاجئين السوريين، في وقت حصل لبنان وسوريا على أكثر من 150 مليونا، نحن حكومة إقليمية لا نستطيع أن نطلب العون من المجتمع الدولي مباشرة، وبغداد لا تفعل ذلك حتى نتمكن من مساعدة اللاجئين كما ينبغي".

وأضاف "أعتقد أن تقاطع مواقف الإقليم والحكومة العراقية من القضية السورية وما يجري هناك، يقف خلف تجاهل بغداد وجود 60 ألف لاجئ في الشمال من دون تقديم مساعدات للسلطات المحلية لإغاثتهم".

وكان إقليم شمال العراق أبدى وبعد وقت وجيز من اندلاع الأحداث في سوريا تأييده للتغيير في سوريا، فيما تتجه بغداد في مواقفها إلى دعم الحكومة السورية وتدعو إلى إنهاء الأنشطة المسلحة للمعارضة والدخول في حوار مع الحكومة لحل المشاكل.(الأناضول)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات