جامعة مؤتة: الاوراق النقاشية الملكية خطاب عقلاني
المدينة نيوز- ويقول استاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة مؤته الدكتور حسين محادين:" من ملامح الفراسة لجلالة الملك عبدالله الثاني انه لم يستند الى تقارير جاهزة تقدم من منظور بيروقراطي , الامر الذي جعل جلالته ملتقطا لروافد مهمة لمنظومة الاصلاح تقتضي ان يلمسها المواطن في تفاصيل حياته اليومية .
ويتابع : وبالتالي فان التفاتة جلالة الملك عبر هذه الاوراق الملكية النقاشية قد جعلت جناحي المجتمع السياسي والاداري يتوازنان رؤية واداء وتنفيذا طموحا .
وفي عودة الى تأكيد جلالته اهمية تطوير عمل الجهاز الحكومي على اسس من المهنية والحياد يقول الدكتور محادين : لم يعد يصلح ما كان سائدا في الماضي بان يتبوأ المواقع الادارية من اتى عبر الاسترضاءات والاسس الجهوية والامتداد السياسي والتوريث الاداري .
ويضيف : ان مفهوم الحياد في عمل الحكومات ينطلق من نبذ الواسطة التي تشكل اخلالا بفرص عادلة غيبت عن مستحقيها , ونبذ الواسطة كما يوضح يدرأ الظلم ويعطي صاحب الحق حقه , فلا يظلم ولا يستبعد اجتماعيا واداريا.
ويشير الى ان العمل العام لابد ان يوكل لا صحاب الخبرة والاختصاص والاهلية بما يبعد شبح التعيين بالواسطة مشيرا الى ان الجهاز الاداري في السابق تورم لانه فصّل على مقاسات متنفذين كما انشئت مؤسسات مستقلة على حساب مستوى الخدمة ودافع الضريبة .
ويسهب الدكتور محادين فيقول : ان تعزيز المهنية الادارية يرسخ الحياد في تقديم الخدمة انطلاقا من اقتناع الموظف العام بانه موجود لخدمة المواطن دون منّة منه , وبالاستناد الى القوانين والانظمة الامر الذي يبعدنا عن تجاوز الصلاحيات او العبث بالمال العام او استغلال الوظيفة .
ويشدد على ان جلالة الملك حين يركز على المهنية والحياد في العمل الحكومي انما يدعو الى عدم تكرار اخطاء الماضي , حيث ان الممارسات الخاطئة خدشت هيبة العمل الاداري المنظم والغت ثنائية تكريم المجدين ومعاقبة المخلين بالوظيفة العامة .
ويلفت هنا الى ان الحكومات البرلمانية لا تعني ان يقوم الحزب الحاكم بفرض سياسات حزبه بمعزل عن التشريع , ما يعني تعزيز الوعي المجتمعي بان الدولة بخدماتها هي ملك لجميع الاردنيين على حد سواء .
ويؤكد الدكتور محادين ان مفهوم التعددية سيبقى شعارا اسرا طالما لم يقترن بالتحصين الجماعي من ان هنالك دائما ( آخر ) وان الحقيقة ليست ملكا لاحد , اذ ان قوة الحقائق الفكرية والاصلاحية تكمن في تنوعها وتكاملها .
ويوضح ان التنوع هنا يقوم على تعددية العمل الحزبي والمؤسسي الذي يخدم الحياة السياسية عبر صناديق الاقتراع بدءا من اتحاد الطلبة وصولا الى المؤسسة التشريعية والبلديات , اذا انها جميعها معالم تنوع ديمقراطي يخدم قيم المواطنة المتنوعة .
ويبين الدكتور محادين ان تعزيز مؤسسية العمل الحكومي وترسيخ مبادئ المهنية والحياد فيه يثري عمل الحكومات البرلمانية من جهة ويفضي الى تعزيز وصون حقوق الانسان من جهة اخرى؛ انطلاقا من سيادة القانون وترسيخ العمل المؤسسي على اساس المواطنة وليس على اساس جهوي او فئوي .
وتقول العين نوال الفاعوري كان جلالة الملك واضحا في رؤاه من خلال الاوراق التي طرحها واراد بها رسم معالم الديمقراطية المستقبلية في وطننا، اذ بين فيها ان عمل الوزارات والمؤسسات المختلفة في الدولة يجب ان يكون وفق قواعد محددة مؤسسية واضحة تستعصي على اي ارتجال او تغيير مفاجئ ويمارسها الموظفون في الوزارات والمؤسسات المختلفة بتفاصيلها الدقيقة وفق القوانين والتشريعات المعمول بها والمنبثقة من الدستور .
وتتابع : لذا لا بد ان يكون لدى الموظفين الخبرات والمؤهلات اللازمة لادارة شؤون وزاراتهم بمهنية وفق الضوابط التي يقررها النظام العام بصرف النظر عن تغيير الوزراء او تعددهم .
وتضيف ان الوزير في معظم الاحيان كما توضح هو من السياسيين التكنوقراط او ربما يكون من الحزبيين الذين يجب ان يديروا وزاراتهم عن طريق الموظفين المؤهلين الذين يزودونهم بتفاصيل العمل الوزاري المؤسسي وبهذه الطريقة تجري الامور في معظم الدول الديمقراطية لان الوزير قد يتغير في اي وقت ولكن النظام العام وطريقة ادارة الدولة لا تتغير بالمبدأ ولكنها تتطور, ولا يجب التأثر بافكار حزبه او تنظيمه .
وتبين العين الفاعوري انه عبر هذه المؤسسية التي تدار من خلالها الدولة يحافظ النظام على تداول السلطة عبر صناديق الاقتراع بينما يستمر النظام العام وطريقه ادارة الدولة فاعلة محكومة بالدستور والتشريع والاعراف الثابتة للجميع .
وتقول: " هكذا اراد جلالة الملك من خلال طرحه للأوراق النقاشية ان ينير طريق الاصلاح السياسي الذي تحدث عنه مرارا والذي يؤدي حتما الى ديمقراطية ناجزة , وتشكيل حكومات برلمانية مع المحافظة على ثوابت المجتمع ونظامه الملكي الدستوري المتطور" .
(بترا)
