تضامن : النساء السوريات...إنتهاكات صارخة وإنسانية غائبة

المدينة نيوز - اصدرت جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" بيانا صحفيا بمناسبة يوم المرأة العالمي ، عن حقوق المرأة السورية .
وتاليا نص البيان :
يحتفل العالم بالثامن من آذار من كل عام باليوم الدولي للمرأة ، وتحتفل به بشكل خاص المجموعات النسائية والأمم المتحدة على إعتبار أنه يمثل قصة المرأة العادية التي صنعت التاريخ بنضالها على مر الزمان من أجل المشاركة في مجتمعها على قدم المساواة مع الرجل ، فخلال الثورة الفرنسية نظمت نساء باريس مسيرة الى قصر فرساي للمطالبة بحق النساء في الإقتراع وبالدعوة الى الحرية والمساواة والأخوة. وظهرت فكرة الإحتفال باليوم الدولي للمرأة ولأول مرة في بداية القرن الذي شهد خلالها العالم الصناعي توسعاً وإضطرابات ونمواً في السكان وظهرت فيها الأيدلوجيات الراديكالية.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن إحتفال الأمم المتحدة هذا العام يركز على النساء الريفيات وتمكينهن لإنهاء الجوع والفقر ، حيث لهن دور فعال في التنمية الإقتصادية بمختلف الدول وأنهن يمثلن ما نسبته (70%) من القوة العاملة الزراعية ويشكلن (43%) من عمال الزراعة على مستوى العالم. وبإمكان النساء زيادة محاصيل زراعاتهن بنسبة (20-30%) إذا ما أتيحت لهن المساواة مع الرجال في فرص الوصول الى مصادر الإنتاج ، مما يؤدي الى إنقاذ (100-150) مليون إنسان من براثن الجوع.
وإذ تدرك "تضامن" أهمية تمكين النساء الريفيات في الوطن العربي لمكافحة الجوع والخروج من دائرة الفقر ، إلا أن ملفات أخرى تحمل في طياتها تحديات وإنتهاكات جسيمة للنساء في العديد من الدول العربية تفرض لا بل توجب فتحها والتركيز عليها بمناسبة اليوم الدولي للمرأة ، فأغلب النساء العربيات لن يذكرهن هذا اليوم بإنجازاتهن وإنما بفقدان لمكتسباتهن وإنتهاكات لحقوقهن وتراجع وتهميش لأدوارهن.
تعاني النساء في سوريا معاناة مضاعفة ، فهن ضحايا وأداة حرب في نفس الوقت ، حيث تعتبر حماية السكان المدنيين ومن بينهم النساء والأطفال خلال النزاعات المسلحة ذات أهمية بالغة وهم يشكلون الأغلبية الساحقة من الضحايا ، لذا فقد جدد مجلس الأمن الدولي في قرار صدر عنه قبل فترة قصيرة إلتزامه بحماية المدنيين في النزاعات المسلحة ومواصلة التنفيذ التام لجميع قراراته ذات الصلة، والمتعلقة بالنساء والسلام والأمن والأطفال والنزاع المسلح وحفظ السلام. وشدد على أن الدول تتحمل المسئولية الرئيسية عن حماية المدنيين وإحترام حقوق الإنسان وكفالتها لجميع الأفراد رجالاً ونساءاً الواقعين داخل أراضيها والخاضعين لولايتها ، وضرورة إنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب على الإنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وتشير إحصائيات الأمم المتحدة الى أن عدد الضحايا للنزاع المسلح في سوريا إقترب من (70) ألفاً معظمهم من المدنيين خاصة النساء والأطفال ، وأكدت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي على ضرورة التحرك السريع حماية للمدنيين وأن التوجه الى المحكمة الجنائية الدولية بات ضروري لتوجيه رسالة مفادها عدم الإفلات من العقبات لمرتكبي جرائم الحرب.
وذكرت لجنة الإنقاذ الدولية خلال شهر كانون ثاني / يناير الماضي على أن النساء في سوريا يستخدمن كأداة حرب من خلال إغتصابهن ، كما حذرت قبل عدة أيام الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي أثناء الصراعات زينب بانغورا من الإنتشار الواسع للعنف الجنسي الذي دفع النساء للهروب الى الدول المجاورة كتركيا ولبنان والأردن إستناداً لمقابلات مع الضحايا / الناجيات ، كما ربطت ما بين العنف الجنسي والإتجار بالبشر والزواج القسري مع تأكيدها على ضرورة إجراء المزيد من الدراسات.
وتضيف "تضامن" أن رئيس المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أنطونيو جوتيريس، ذكر بأنه حتى الثلاثاء الماضي تم تسجيل (936) ألف سوري لجأوا إلى دول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، وأن هذه الأعداد مذهلة لكن لا يمكنها أن تعكس الحجم الكامل للمأساة ، وأن ثلاثة أرباع اللاجئين هم من النساء والأطفال ، وكثيرون منهم فقدوا ذويهم ومعظمهم فقدوا كل شيء.
وفي مقابل الأرقام المرعبة عن عدد الضحايا واللاجئين / اللاجئات فإن النساء السوريات يعانين من أزمات نفسية وصحية قد تلازمهن طيلة حياتهن فكثير منهن يلدن قبل موعد الولادة بسبب العنف وفقر الدم ، وحينما تنفذ الإمدادات الغذائية أو تقل يعانين أشد المعاناة وعندما تتلوث مصادر المياه فإنهن يكن أقل الفئات مقاومة لمخاطر الأمراض ، ونتيجة المعاملة المهينة واللاأخلاقية والعنف الجنسي والتهديد به أثناء الإعتقال ستبقى أعداد الهاربات للخارج في تزايد مستمر.
وتشير الشبكة السورية لحقوق الإنسان الى أن (17) إمرأة قد توفيت بسبب التعذيب ، وأن ما يزيد عن (6400) إمرأة أخرى قيد الإعتقال أو الإختفاء القسري ، وأن آلاف حالات الإغتصاب والتحرش الجنسي تحدث داخل المعتقلات ، ووثّقت حالة معتقل وزوجته من حيّ الرمل الجنوبي في اللاذقية حيث تم إجبار بقية المعتقلين على إغتصاب الزوجة أمام زوجها.
وتنوه "تضامن" الى أن الشبكة رصدت (6) حالات قتلت فيها الفتاة المغتصَبة، من قبل الأب أو الأخ "للتخلّص من العار"، وفي حالتين أخريين قتل الوالد نفسه بعد قتل بناته وفي حالات متعددة هربت الفتاة من منزل الأسرة لمدينة أخرى أو خارج البلاد لتواجه مصيراً مجهولاً. وتعاني اللاجئات السوريات أيضاً من أوضاع إنسانية ومعيشية صعبة ، فكن ولا زلن عرضة للتحرش الجنسي والزواج المبكر والإستغلال.
وتؤكد "تضامن" على أن المجتمع الدولي يقف عاجزاً أمام الإنتهاكات الصارخة التي تتعرض لها النساء السوريات على الرغم من أن القانون الدولي الإنساني يشدد على ضرورة تمتع النساء بالحماية المقررة للمدنيين ، إضافة لحمايتهن ضد كل صور الإهانة الشخصية ، بما في ذلك الإغتصاب أو التحرش الجنسي ، وحماية الأمهات الحوامل واللاتي يرضعن.
وعند إعتقالهن ، أكدت قواعد القانون الدولي الإنساني على ضرورة إحتجاز النساء في أماكن منفصلة عن تلك المخصصة للرجال وأن يوكل الإشراف المباشر عليهن إلى نساء ، وألا يقوم بتفتيش النساء المحتجزات إلا نساء ، وأن تقدم للنساء الحوامل والمرضعات المحتجزات أغذية إضافية تتناسب مع احتياجاتهن الفسيولوجية ، وأن يعهد بحالات الولادة لدى النساء المحتجزات إلى مؤسسات يمكن أن يتلقين فيها العلاج المناسب ، وألا تنقل النساء المحتجزات عند الولادة إذا كان من شأن الإنتقال أن يعرض صحتهن لخطر بالغ.
وشددت القواعد على ضرورة إيلاء الإعتبار الواجب لجنس الشخص عند فرض عقوبات تأديبية على المحتجزين والمعتقلين ، وعند إستخدام أسرى الحرب في العمل ، وحظر تنفيذ أحكام الإعدام على نساء حوامل أو أمهات لأطفال صغار يعتمد عليهن أطفالهن ، وعلى أنه يجب معاملة النساء بكل الإعتبار الواجب لجنسهن، وأن يلقين معاملة لا تقل ملائمة عن المعاملة التي يلقاها الرجال.
وكحماية إضافية يجب أن تعطى أولوية قصوى للنظر في قضايا النساء الموجودات رهن الإحتجاز أو الإعتقال، وأن تعمل أطراف النزاع أثناء الأعمال الحربية على عقد إتفاقيات لإطلاق سراح النساء الحوامل وأمهات الرضع والأطفال الصغار وإعادتهن إلى أوطانهن وأماكن إقامتهن أو إيوائهن في بلد محايد.
وتشير دراسة لملتقى المرأة للدراسات والتدريب حول النساء والنزاعات المسلحة الى أن جريمة الإغتصاب لم تكن من بين جرائم الحرب التي نظرت فيها محكمة "نورمبرج" (1945-1946) رغم إنتشار العنف الجنسي أثناء الحرب العالمية الثانية ، بإعتباره عمل بالغ الوحشية يستخدم ضد النساء أو ضد أفراد من عائلاتهن كشكل من أشكال التعذيب، لجرح كبريائهن، ولإنتزاع المعلومات منهن ، ولإذلالهن وتخويفهن ، كما يستخدم كعقاب على أفعال حقيقية أو مزعومة كما جرى إستخدامه أيضاً كوسيلة للتطهير العرقي لمنطقة ما ، ولنشر الرعب في منطقة معينة وإجبار الناس على الرحيل منها ، وللقضاء على هوية جماعة معينة من خلال الممارسة الواسعة والمطردة للإغتصاب والحمل القسري، ويرتكب العنف الجنسي فضلاً عن ذلك ، بطرق بالغة القسوة كأن يكون على مرأى من أفراد الأسرة بمن فيهم الأطفال ومع توجيه إهانات جارحة ).
وتشير "تضامن" الى أول نص يتناول الإغتصاب على وجه الخصوص حيث نصت الفقرة الثانية من المادة (27) من إتفاقية جنيف الرابعة لعام (1949) على أنه : "يجب حماية النساء بصفة خاصة من أي اعتداء على شرفهن ، ولا سيما من الإغتصاب ، والإكراه على الدعارة وأي هتك لحرمتهن ".
وأعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام (1974) إعلان بشأن حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة تعبيراً على قلقها العميق للآلام التي يعانيها النساء والأطفال من السكان المدنيين حيث إعتبر الإعلان أعمالا إجرامية جميع أشكال القمع والمعاملة القاسية واللاإنسانية للنساء والأطفال ، بما في ذلك الحبس والتعذيب والإعدام رمياً بالرصاص والإعتقال بالجملة والعقاب الجماعي وتدمير المساكن والطرد قسراً ، التي يرتكبها المتحاربون أثناء العمليات العسكرية أو في الأقاليم المحتلة ، وأنه لا يجوز حرمان النساء والأطفال ، من بين السكان المدنيين الذين يجدون أنفسهم في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة أثناء الكفاح في سبيل السلم وتقرير المصير والتحرر القومي والإستقلال أو الذين يعيشون في أقاليم محتلة ، من المأوي أو الغذاء أو المعونة الطبية أو غير ذلك من الحقوق الثابتة ، وفقاً لأحكام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية ، وإعلان حقوق الطفل، وغير ذلك من صكوك القانون الدولي.
تؤكد "تضامن" على أن الإنتهاكات لا زالت قائمة ومستمرة ، وأن المجتمع الدولي وإتفاقياته وإعلاناته لم تحم النساء السوريات من جميع أشكال العنف الذي يتعرضن له ، وغابت الإنسانية أمام سقوط آلاف الضحايا من النساء والأطفال ، ولا زال النفق طويل ومظلم تصعب معه رؤية مستقبل أفضل وحياة أرحم لهن ولآطفالهن.
جمعية معهد تضامن النساء الأردني