تضامن : المشاركة الإقتصادية للنساء العربيات ذات أولوية في ظل الإصلاحات والتحولات الديمقراطية

المدينة نيوز - أصدر البنك الدولي ومؤسسة كارنيجي للسلام الدولي في واشنطن تقريراً جديداً تحت عنوان " فتح الأبواب: المساواة بين الجنسين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" ، حيث تشهد هذه المنطقة من العالم موجة من الثورات والتحولات الديمقراطية والإصلاحات السياسية ، وتتزايد الضغوط على المستوى الشعبي للمشاركة في مختلف المجالات ، السياسية ، الإجتماعية ، الإقتصادية والثقافية. وأن النساء العربيات وهن في صلب عملية التغيير بحاجة الى تحديد أولوياتهن ومواجهة التحديات من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى انه وعلى الرغم من تحقيق تقدم ملموس لمشاركة النساء في مجال التعليم والصحة ، إلا أن التقرير يؤكد على أن المشاركة السياسية والإقتصادية لا زالت ضعيفة فلم تصل الى معدلات مرتفعة أو متكافئة ، ولم تنعكس الإستثمارات بالتنمية البشرية على وضع النساء ، وأنهن على مستوى العالم لا زال حظهن أقل من الرجال.
لقد حققت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال العقود الماضية نقلة نوعية في مجالي التعليم والصحة ، وكانت خمس دول عربية خلال الفترة ذاتها ضمن أكثر (10) دول نمواً بمؤشرات التنمية البشرية وهي تونس والجزائر والسعودية والمغرب وعُمان. وعلى الرغم من وجود فجوة في المشاركة الإقتصادية للنساء على مستوى العالم ، إلا أن أكثر من (50%) من النساء ممن هن بعمر (15) عاماً فأكثر يشاركن في في سوق العمل.
وتضيف "تضامن" بأن هذه الفجوة تتسع بشكل ملحوظ في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، حيث أشار التقرير الى أن المشاركة الإقتصادية للنساء لمن هن بعمر (15) عاماً فأكثر لا تزيد عن (25.2%) ، وتعتبر هذه المشاركة في معظم الدول العربية أقل من المتوسط بالنسبة للدول متدنية ومتوسطة الدخل.
وتعتبر اليمن أقل الدول في المنطقة من حيث المشاركة الإقتصادية للنساء في الفئة العمرية (15 – 64) عاماً بنسبة لا تزيد عن (5%) وتليها تصاعدياً كل من السعودية والمغرب والعراق وفلسطين والأردن وتونس ومصر وقطر وجيبوتي والكويت والإمارات التي تصل فيها النسبة الى (50%) تقريباُ.
وتعاني النساء في المنطقة من صعوبات جدية بالتوفيق بين الحياة العائلية والعملية مما قد يبرر تدني مشاركة النساء في سوق العمل ، كما وتشير التقديرات الى إرتفاع معدلات البطالة بين النساء ، وتصل الى مستويات قياسية لدى الفئات الشبابية ، ففي العديد من دول المنطقة تصل نسبة البطالة بين الفتيات من الفئة العمرية (15 – 24) عاماً الى (50%) مقارنة بالشباب من نفس الفئة العمرية حيث تصل نسبة البطالة بينهم ما بين (10% - 20%).
وتشير "تضامن" الى أنه ووفقاً لمؤشرات التنمية العالمية لعام (2011) الصادرة عن البنك الدولي فإن البطالة بين الفتيات في الفئة العمرية (15 – 24) عاماً تتجاوز (40%) وفي تونس تتجاوز (30%) وفي الأردن والمغرب ولبنان ما بين (20% - 25%) ، في حين لا تزيد النسبة في قطر عن (2%).
ومما يثير الإستغراب التقدم البطيء لمشاركة النساء الإقتصادية خلال العقود الثلاثة الماضية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، ولعل تبرير ذلك يكمن في الأنماط السائدة والمتعلقة بأدوار النساء خارج المنزل والنظرة الدونية لهن ، وإنتشار العادات المسيئة ، والعنف والتمييز وعدم المساواة .
وعلى الرغم من ذلك فإن النساء يتطلعن للحصول على عمل ، ففي مسح أجراه البنك الدولي في العام (2010) على خريجات كليات المجتمع الداخلات إلى سوق العمل في الأردن ، أجابت (92%) أنهن يخططن للعمل بعد التخرج ، وتوقعت (76%) منهن العمل بدوام كامل. وتتفق هذه الأرقام مع الإتجاهات التي عكسها مسح القيم العالمي لعام (2005) حيث أشار فيه (80%) من المصريات والأردنيات إلى رفضهن لمقولات مثل "لا يمكن أن تكون المرأة التي تعمل بدوام كامل أماً جيدة" ، "وإن العمل بدوام كامل يضر بقدرة المرأة على التمتع بحياة جيدة مع الزوج".
ويشير التقرير الى أن معدلات المشاركة الإقتصادية للنساء من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المهاجرات إلى الولايات المتحدة أعلى بكثير مقارنةً بغير المهاجرات ، وتنخفض هذه النسبة عقب الزواج. إضافةً إلى ذلك، تتمتع النساء من الأصول الشرق أوسطية ممن هاجرن إلى فرنسا بسن صغيرة بمعدلات مشاركة عالية توازي نظرائهن من الرجال مقارنةً بالنساء ممن هاجرن كبالغات. وتشير هذه النتائج إلى الأثر الهام للأنماط السائدة حول النوع الإجتماعي في تفسير تدني معدلات المشاركة الإقتصادية في المنطقة.
وتنوه "تضامن" الى أن للقوانين أثر بالغ في زيادة المشاركة الإقتصادية للنساء ، فعلى سبيل المثال أشار التقرير أن المرأة العزباء في الأردن فوق (18) عاماً لا تحتاج إلى تصريح للحصول على جواز السفر ، لكن تحتاج الزوجة في أي سن الحصول على موافقة من الزوج للقيام بذلك. وتجعل هذه القوانين القيام بالعمل والسفر أكثر صعوبةً للنساء مقارنةً بالرجال ، مما يشكل عائقاً رئيسياً أمام المشاركة الكاملة للنساء في الحياة السياسية والاقتصادية ، كما تحد هذه القوانين من وصول المرأة إلى رأس المال لممارسة الأعمال.
وتؤكد "تضامن" على ضرورة إتخاذ دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفي خضم التحولات الديمقراطية والإصلاحات السياسية ، إجراءات عاجلة وفعالة لزيادة مشاركة الشباب وخاصة الشابات في سوق العمل ، خاصة وأن أغلبهم / أغلبهن على مستوى عالي من التعليم ، وأن أعداد كبيرة منهم / منهن خارج إطار المشاركة الإقتصادية ، علماً بأن أرقام إدارة الشؤون الإقتصادية والإجتماعية لعام (2010) أن الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يشكلون ما نسبته (60.5%) من مجموع السكان.
جمعية معهد تضامن النساء الأردني