الوجاهة: تحسَّنَ التوزيع وتراجعت الجودة
مرّ زمان كان فيه الصمت أو قلة الكلام من مؤشرات الوجاهة عند عِلية القوم ومنهم الوزراء مثلاً، لقد كان صمت الواحد من هؤلاء يمتد إلى فترة ما بعد المنصب، إذ لم تكن وجاهة الوزير السابق تقل كثيراً عن وجاهة الوزير الحالي، وكان الوزير الصامت يحشم نفسه وزملاءه ومجمل أولئك الذين ينتمون إلى ما يعرف بـ"رجالات" الحكم.
باستثناء دائرة ضيقة، لم يكن الأردنيون يعلمون شيئاً عن الأوضاع الداخلية داخل الحكومات أو داخل كل وزارة، وكانت الدولة تدار بمنتهى الوقار.
في العقود الأخيرة اختلفت الصورة، وتخلت الحكومات عن جزء كبير من وقارها، وصار الوزراء مثلنا تماماً، يشتكون ويتظلمون ويعلنون خلافاتهم مع رئيسهم ومع زملائهم، ويزعلون ويعتكفون في منازلهم، وقد "ينرفزون" أو يضحكون أمام الناس والصحافة، وغير ذلك من مشاهد كانت سابقاً مقتصرة على الخاصة.
لقد تراجع الصمت كمادة أولية لصناعة لوجاهة وحل محله الكلام، وهو ما مكّننا من تصنيف الوزراء: بعضهم "يَهِشّ" وبعضهم "يَنِشّ" وقسم ثالث "يهش وينش"، إلى جانب مَن "لا يهش ولا ينش" مطلقاً.
في السابق كانت الوزارات تصنف بين وزارة مهمة وأخرى قليلة الأهمية، والآن صار هناك وزير مهم وآخر غير مهم، ولم تعد أهمية الوزير مرتبطة حكماً بأهمية وزارته.
هناك تغير إيجابي ملحوظ في توزيع الوجاهة، غير أن صنفها قد تراجع تحت تأثير التراجع في جودة المادة الخام المكونة لها. ( العرب اليوم )
