انطلاق أعمال المؤتمر الطبي الفقهي الثاني

المدينة نيوز - انطلقت في المركز الثقافي الملكي مساء الأربعاء وبرعاية وزير الصحة أعمال المؤتمر الطبي الفقهي الثاني الذي تنظمه كلية الشيخ نوح القضاة للشريعة والقانون في جامعة العلوم الإسلامية وجمعية العلوم الطبية الإسلامية بعنوان "مستجدات طبية معاصرة بين الشريعة والقانون".
ويناقش المؤتمر، الذي يستمر ثلاثة أيام، ويشارك فيه أطباء وعلماء عرب، محاور زراعة الاعضاء والتبرع بها، والخلايا الجذعية والمسؤولية الطبية والتلقيح الاصطناعي وأنماط الحياة الصحية واختلالاتها واختيار جنس الجنين إضافة إلى محور خاص يتحدث عن الجنين المشوه.
وقال رئيس الجامعة الدكتور عبدالناصر ابوالبصل ان المؤتمر يشكل انموذجا للتعاون العلمي والمنهجي الذي يجمع بين التخصصات الفاعلة والمؤثرة الموصلة لاستنباط احكام صحيحة او اقرب الى الصواب والصحة عند بحث النوازل والمستجدات وهي في مؤتمرنا هذا متعلقة بقضايا الطب والصحة ونوازلهما المعاصرة التي تواجه الافراد والمجتمعات اليوم، ذلك ان الانفراد بالرأي مذموم في شريعتنا ولا بد من تفعيل الشورى الاجتهادية العلمية التي حث عليها القرآن وطبقها الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم واقعا عمليا.
واضاف ان هذا المؤتمر يهدف الى ابراز جهود الاطباء من هذه الأمة الولادة للعلماء والدعاة في مجال العمل التطوعي الإنساني والعمل الدعوي الهادف للحفاظ على هوية الامة وابنائها وصحتهم ودينهم ومد العون لهم، وقد امتدت اعمالهم العظيمة الى مختلف بقاع الارض،وعلى رأس هؤلاء الدعاة الاستاذ الدكتور عبدالرحمن السميط من دولة الكويت الشقيقة الحبيبة على قلوبنا، حيث سطرت اعماله خالدة في صحائف من نور، يتمنى كل من اطلع عليها ان تكون يده الى يده فيها، وما يكتنفها من صعاب وتحديات جسام بذل فيها الدكتور السميط الطبيب الداعية العمر والمال والصحة والجاه لله تعالى وحده.
وقال مفتى المملكة سماحة الدكتور عبدالكريم الخصاونة، ان صحة الأبدان نعمة عظيمة من نعم الله تعالى التي لاتعد ولاتحصى اذ لايتم علم ولا عمل الا بذلك، فابراهيم عليه السلام يتأدب بأدب النبوة فلا ينسب مرضه الى ربه، وهو يعلم انه بمشيئة ربه يمرض ويصح، ولكنه آثر ان يذكر ربه في مقام الإنعام والتفضل اذ يطعمه ويسقيه ويشفيه، ولا يذكره في مقام الابتلاء حين يبتليه، اذن الطبيب يعالج لكنه سبب للشفاء اما الشفاء فمن الله تعالى.
وأضاف ان الاسلام وضع للأبدان والقلوب تشريعات خاصة تقيها من العلل وتحفظها من الزلل والامراض وذلك لما للصلة المتينة بين الروح والجسد، ولكي يجمع بين صحة البدن وقوته وبين العلم والمعرفة تخصص علماء في الطب وهذا العلم من فروض الكفاية، وثوابه عظيم اذا خلصت النية، مستشهدا بقول الامام الجويني، الذي يؤكد ان فروض الكفاية افضل من فروض العين بما يشكله من نفي الحرج عن الغير.
وبين مندوب وزير الصحة، مدير إدارة المستشفيات في الوزارة الدكتور احمد القطيطات، ان القضايا المطروحة في هذا المؤتمر تمثل واقعا نعيشه ولابد من التعامل معه وايجاد السبل والحلول المناسبة له لاسيما مع التطور المتسارع في العلوم والمعرفة والتي لابد من ان تواكب تطور المفاهيم العلمية وخاصة العلوم الشرعية، فديننا الحنيف اوجد منظومة من القوانين الربانية والاحكام الشرعية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ومع تطور العلوم وتقدمها اصبح لابد من بيان الرأي الشرعي في هذه القضايا الهامة من خلال فهمها واستيعابها.
واضاف اننا عندما ننظر الى محاور هذا المؤتمر نجد انها متعددة وهامة وتستحق التوقف عندها فالجنين المشوه داخل الرحم والحكم الشرعي بخصوص ابقاءه من اسقاطه يرتبط ليس بالعائلة فقط بل مرتبط بالمجتمع وقوانينه وانظمته بما يخدم الانسان ولا يتعارض مع شريعتنا السمحاء، اما قضية المساعدة على الانجاب وبنوك اللقائح والمني اصبحت قضية عصرية لا بد من تنظيمها من خلال تشريعات واضحة لضبطها حماية للمجتمع ومنع الفوضى الناجمة عن غياب التشريعات، مؤكدا على اهمية المؤتمر لما يطرحه من محاور هامة ومتعددة.
وقال رئيس جمعية العلوم الطبية الاسلامية الدكتور عاصم بلعاوي، ان التعاون المشترك بين علماء الحياة وعلماء الشريعة يساعد الطبيب على التصرف بالطريقة الاقرب للصواب شرعا جين يعالج مرضاه سواء في عيادته او في غرفة العمليات او في بداية عمر مريضه جنينا في بطن امه او طفلا او التعامل مع مريضه كهلا او في الايام الاخيرة من عمره وكذلك يساعد المشرع على اتخاذ قراره الشرعي الاقرب الى الصواب طبيا مستندا الى خبرة الاطباء الاختصاصيين في كافة مجالات الطب.
وقال مندوب نقيب الاطباء الدكتور رائف فارس، ان تفسير الآية القرآنية بما يكشفه العلم من سنن كونية، ما هو الا فهم للآية بوجه من وجوه الدلالة على ضوء العلم، مشيرا الى ان ظهور خطأ النظري هو خطأ فهمها على ذلك الوجه، وليس خطأ الاية ذاتها.
وقال امين عام الاتحاد العالمي للجمعيات الطبية الاسلامية الدكتور علي مشعل، ان الاتحاد يدفع نحو اعتماد القرارات الطبية الفقهية التي يتم التفاهم عليها لتصبح قوانين في البلاد العربية، لافتا الى ان الاردن من اولى البلدان التي اعتمدت موضوع الموت الدماغي وزرع الاعضاء اواخر الثمانينيات.
من جهته قال عميد كلية الشريعة والقانون في الجامعة رئيس اللجنة التحضيرية، الدكتور محمد راكان الدغمي، ان الشريعة الاسلامية عنيت بحياة الانسان في مختلف مراحل العمر، فقد منعت الشريعة ان يلحق به اي ضرر كان حتى انها منعت اقامة الحد على الام اذا وجب بحقها القتل حفاظا على حياة الجنين، وان الاسلام لاينظر الى دين المريض او سنه او مستواه الاجتماعي لان كرامة الانسان محفوظة مثل حياته، وان افضل الاعمال ماتعلق في انقاذ الانسان والمحافظة على حياته، وقد ظهرت المنظمات من اجل المحافظة على حياة الانسان كبيرا او صغيرا،
وأضاف ان الشريعة الاسلامية نظرت الى الاطباء بانهم خدام البشرية ومنقذيها ولكنها لم تجعلهم فوق البشر فهم اناس يخطئون ويصيبون ويعتريهم مايعتري النفس البشرية.
وبين انه وأنطلاقا من مسؤولية الجامعة امام المسلمين وتفعيلا لدورها في خدمة المجتمع المحلي والعالمي واهتمامها بالعلوم الإسلامية ومنها علوم الطب فقد رأت الجامعة عقد هذا المؤتمر بالتعاون مع جمعية العلوم الطبية الإسلامية – نقابة الاطباء الاردنيين, لما لهذا المؤتمر من اهمية خاصة حيث يعرض في محاور متعددة امورا ذات اهمية في حياة الناس لايستغني عنها الطبيب الذي يحتاج الى الرأي الشرعي والقانوني.
واشتمل الافتتاح على محاضرة تذكارية تكريما للداعية الاسلامي الدكتور عبدالرحمن السميط، قدمها فهد عبدالعزيز الحساوي من الكويت بين فيها السيرة الذاتية للدكتور السميط واسهاماته في مجالات الصحة والتعليم .