مؤسسات المجتمع المدني: العمل على دمج الطلبة في المجتمع احد حلول الحد من العنف

المدينة نيوز- تقاعس مرفوض وغير مبرر لا يستثني احدا من المعنيين برسم وتنفيذ السياسات التعليمية بل ومن المجتمع ككل , هو من اهم اسباب انتشار ظاهرة العنف الجامعي خاصة في الآونة الاخيرة ، فجامعاتنا باتت مسرحا للاستعراض ، كما رأى ممثلو مؤسسات مجتمع مدني .
وقالوا ان الاستهتار بالقوانين وغياب الشعور بالعدالة لدى بعض الطلبة ، والتقليل من هيبة التعليم واحترام المعلم والاستاذ الجامعي , والتعامل الجندري غير السليم واسبابا اخرى ، جميعها باتت معروفة والمهم ايجاد الحلول الناجعة .
الحلول والاراء تختلف وتتعدد وتتراوح بين طرح عام يركز على اهمية اعادة النظر في السياسات العامة لقطاع التعليم بما في ذلك اسس القبول من جهة وبين حلول بسيطة ومتوفرة ترتبط بشكل مباشر بمؤسسات المجتمع المدني من جهة اخرى ، حيث رأى متحدثون بانها قادرة على الاسهام بفعالية في دمج الطلبة في مجتمعهم واشغال اوقات فراغهم بالمفيد.
رئيسة لجنة المرأة في الاتحاد العام لنقابات العمال سابقا المحامية ميسون شريف قارة قالت ان الاستهتار بالقوانين والسماح بالشللية وعدم التعامل الجندري الصحي والسليم من اهم اسباب العنف الجامعي.
واضافت : كما ان هناك استهتارا من قبل الابناء بالعادات والتقاليد ولم يعد الكثير منهم يقدر الكبير في السن كما كان جيلنا يفعل ، وهناك موضوع الحرس الجامعي الذي باتت مهامه مقتصرة على ارشاد الطلبة الى مرافق الجامعة والكثير منهم غير مؤهلين وغير مدربين للتعامل مع حالات العنف بشكل سريع ومؤثر.
وقالت ان الحرم الجامعي في الكثير من جامعاتنا يُخدش يوميا من قبل بعض الشلل التي تأتي للاستعراض ولتحول ساحات الجامعة الى مسرح لتصرفات يفتعلونها دون ان يكون هناك لجم لسلوكيات اساءت كثيرا لسمعة الجامعات بل وللمجتمع الاردني بشكل عام .
وعن دور مؤسسات المجتمع المدني في الحد من ظاهرة العنف رأت قارة ان النقابات المهنية خاصة التي يشكل اعضاؤها النسبة الكبيرة من منطقة جنوب المملكة مثل نقابة المناجم ، والتخليص وموظفي سكة الحديد وغيرها يمكنها ان تقدم خدمات اكبر لمجتمعها المحلي .
واضافت ان من ضمن هذه الخدمات القيام بعقد ورش عملها في الجامعات بدلا من الفنادق ذات ال ( 5 نجوم) ، وبدلا من ان يتم رصد مبالغ طائلة على المؤتمرات التي تناقش أيا من شؤون النقابات عندما تعقد في هذه الفنادق , بان يتم رصدها لدعم الطلبة المشاركين في هذا النشاط .
وقالت : نحن بحاجة الى دمج الطلبة في المجتمع بشكل عملي وبافكار محددة ، ومن ضمنها ترحيل النشاط التثقيفي والعمالي الى الجامعات لنحقق هدفين اساسيين اولهما تعريف الطلبة بهذه النقابات وعملها وخططها وثانيا اشغال وقت الطالب بشيء مفيد ، فكثير منهم لا يعلم الا بعد تخرجه من الجامعة بان هناك نقابة للعاملين في مجال دراسته ويمكنه الانضمام اليها والاستفادة من خدماتها .
مدير مركز عدالة لحقوق الانسان عاصم ربابعة رأى ان احد اهم اسباب العنف الجامعي , تراجع ثقافة التسامح وقبول الآخر والتهاون في تطبيق القوانين ما اوجد بيئة حاضنة للعنف , وزاد من ذلك التدخل والواسطات عند تطبيق القوانين والانظمة .
واضاف : هناك شبه غياب للايمان لدى بعض الطلبة بمبدأ سيادة القانون وهم يرون انه لا يطبق بشكل كامل وبشفافية وعند فقدان الثقة بالعدالة يلجأون الى الممارسات التي يغيب عنها روح القانون .
وحول دور مؤسسات المجتمع المدني في الحد من هذه الظاهرة قال ربابعة ان تعزيز قيم المواطنة لدى الشباب والتركيز على التعريف بحقوقهم وواجباتهم يقلل كثيرا من حجم المشكلة ويمكن لمراكز حقوق الانسان ومؤسسات المجتمع المدني الاسهام في هذا الموضوع بشكل خاص وبوسائل مختلفة يكون اعضاؤها هم المسؤولون عن تنفيذها وبشراكة حقيقية وفاعلة .
وقال ان هناك حاجة لاعادة النظر في موضوع استثناءات القبول في الجامعات الرسمية , فالعديد منها غير ضروري ، ولا بد من مراجعة القبول ايضا خارج قائمة القبول الموحد مثل البرنامج الموازي في الجامعات .
رئيسة الاتحاد النسائي الاردني العام نهى المعايطة قالت ان العنف في الجامعات بدأت بوادره بصورة طفيفة منذ خمسة عشر عاماً على شاكلة ان فلان (جحرني) ( واطَلَع على صاحبتي)، مضيفة أننا قرعنا الجرس، ولكن لا حياة لمن تنادي .
واضافت انه مع مرور هذه الأعوام ، ومع حدوث التغيرات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية المتسارعة، واضمحلال للطبقة الوسطى، وظهور طبقة مميزة وازدياد الفقر وانتشار البطالة ، وفي خِضَم مرحلة انتقالية، من العشائرية وقوانينها التي كانت صمام أمان , وفي الطريق إلى دولة المؤسسات والقانون ، جاءنا قانون الصوت الواحد ، بدلاً من أن نضع قانونا حضاريا ينقلنا إلى العمل الجمعي على مستوى المحافظة بكل مواطنيها ، أو على مستوى الأقاليم لتحقيق التنمية المنشودة بكل أبعادها.
وقالت المعايطة: لقد حاولت الاطمئنان على احدى الصديقات في معان التي اصطحبت افراد عائلتها الى جامعة الحسين لحضور الاحتفال بتأسيس الجامعة، واجابتني بانفعال غير مصدقة لما جرى في ذلك اليوم قائلة " يدخلون الأسلحة إلى الحرم الجامعي.. بقيت أنتظر حتى منتصف الليل عودة زوجي إلى المنزل، متسائلة ماذا يحصل؟ واوضحت ان الجامعات تقاعست عن بناء فكري وقيمي وثقافي لشبابها، ما أدى إلى ضحالة في انتمائهم وولائهم، وايجاد حالة من الفراغ الفكري والتعصب الأعمى خوفاً من المجهول، بدلاً من توحيد الصفوف، وتعميق العمل الجمعي وزرع قيم المواطنة الحقة .
ورأت أن هناك قوى خفية تسعى إلى زيادة التشنج وزرع الفتنة بين الأخوة إضافة إلى انتشار الأسلحة والمخدرات بين شبابنا، مبينة ان ما يجري هو خطير ، وقد تساعد الجاهات على تهدئة النفوس لفترة قصيرة، لكن يجب أن نفكر ل " أبعد من ذلك بكثير " ، استراتيجياً لوضع الحلول الناجعة، ولنبدأ بنظامنا التعليمي والعمل على بناء شخصية الفرد في المرحلة الابتدائية.
وتساءلت هل يعقل أن لا ينجح اي طالب في أربع مدارس في دير علا في الثانوية العامة ؟ هل التقصير من الطلبة وأهاليهم؟ أم التقصير في نظامنا التعليمي ليكتب عليهم الفشل في بداية حياتهم؟ .
وقالت : نحن بحاجة إلى قوانين وتشريعات تجمعنا، وتساعدنا على الانتقال الآمن إلى دولة المؤسسات والقانون واحترام المواطن في حريته وكرامته، فكلنا أهل وكلنا أخوة , هذه الحادثة لا تمس أهل معان فقط بل تمسنا كأردنيين من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب .
نقيب الصيادلة الاردنيين الدكتور محمد عبابنة قال ان للنقابات دورا اساسيا في الحد من العنف الجامعي من خلال الحملات التوعوية التي يجب ان تقوم بها كونها تضم حوالي ثلاثمئة الف من الاعضاء وذلك بهدف المحافظة على قيمنا واخلاقنا وتراثنا وما تعلمناه من الاباء حول القيم والمبادىء .
واضاف ان القاء المحاضرات لنشر الوعي وتعزيز الانتماء يلعب دورا بتعزيز الانتماء الوطني والسلوك السوي مشيرا الى ان "من اسباب العنف الجامعي الاوضاع الاقتصادية اضافة الى وجود اياد تحاول العبث بأمن الوطن وزعزعته" .
واشار الى ان السياسة التعليمية خرجت عن مسارها الصحيح لافتا الى ضرورة وجود الية لمعالجة الانحراف التي تمر به .
وقال نقيب المحامين الاردنيين مازن ارشيدات ان العنف الجامعي ليس جديدا وقد ابتدأ منذ سنوات ولم يتم الانتباه اليه سواء من قبل الجامعات او اجهزة الدولة , ويجب ان لا تكون الحرية على حساب حق المواطن بالامن والامان مبينا ان هذه السلوكيات المتمثلة بالعنف تعتبر حرية قامعة وليس ما نطالب به .
واشار الى " ان هناك جهات سياسية صاحبة مصلحة تعمل على زعزعة الاستقرار في المملكة ، موضحا ان امورا مفتعلة وراء حالة الفوضى التي تعيشها بعض الجامعات " .
والقى بجزء من المسؤولية على الاهل لردع ابنائهم من الطلبة اضافة الى المسؤولية الكبيرة على الجامعة مطالبا بضرورة اتخاذ عقوبات رادعة بحق الطلبة الذين يقترفون افعال عنف في الجامعات وتحويلهم للمحكمة بدون تراخ او تسامح .
(بترا)