ما خلف «الصمت» من قرارات

يضحكني الخبر الذي يقول ان سائق حافلة متدهورة ، قفز منها ، تاركا الركاب لمصيرهم الاسود ، فيصاب هو بجراح ، فيما يسخر الله ، كونترول الحافلة لانقاذ حياة الركاب والحافلة ، فمن يتخلى عن مسؤوليته ، سيدفع هو الثمن ، ومن يخاف على الاخرين ، وعلى حياتهم ، هو الفائز.
في القصة عبرة بالغة الدلالة ، على قدسية المجموع ، كل المجموع ، كما ركاب الحافلة ، يصح اشتقاقها سياسيا واجتماعيا واقتصاديا ، وعلى كل المستويات ، فقد سلم الله الحافلة وكل من فيها ، ومن ظن انه سينجو بنفسه ، لم ينجو ، وتعرض الى جروح واصابات ورضوض ، وهذا يعني ببساطة ان مثل السائق لدينا كثرة ، في مواقع مختلفة ، ومستويات مختلفة ، لا يهمها سوى نفسها ، وسوى مصالحها ، ولا يهمها هذا الاردن ، ولا اهله ، ولا استقراره ، وهدوء جبهته الداخلية ، وسلامته في وجه كثير من التحديات ، مثل السائق لدينا كثرة في جهات عدة تثير الفتن ، وتصنف الناس ، وتريد لهذا البلد ان يخرب ، وان يصبح هشا ، او تمارس ضعفها ، فلا تؤدي واجبها ، بطريقة او اخرى ، باعتبار ان من في الحافلة ، امرهم ليس مهما ، في حين انهم اهم مافي هذه الدنيا ، وقصة الحافلة والسائق والكونترول والركاب ، جديرة بالتوقف عندها ، مرارا وتكرارا.
صمت كثيرين امام "التفلتات" التي تجري هنا وهناك ، امر يجب ان ينتهي ، وادانة التدخل الوقائي ، مدرسة ثبت فشلها ، والكرات الحاجزة والمانعة للصدمات يجب ان تعود الى دورها الاساس ، لوقف كثير من الاخطاء والسلبيات التي تجري ، هذا الصمت وفقا لما يقوله مطلعون ليس الا صمتا يخفي خلفه كثير من الضيق والغضب ، ويخفي خلفه قرارات سيتم الاعلان عنها ، وتغييرات واسعة خلال الفترة ما بين شهري آب وتشرين الاول ، وهي تغييرات لاتطال المواقع ، وحسب ، بل عبارة عن حزمة كاملة ، تضع قواعد حاسمة وحازمة لما يجوز ولا يجوز ، وتضرب بؤر الشر ، التي تذكي النار ، ولا تقف عند حد او حدود.
حين يتجاوز الابن حدوده في اي بيت ، يتم سماحه مرة ومرتين وثلاثا ، ويتم نهره مرة ومرتين وثلاثا ، فاذا تواصلت سلوكياته ، لا يعود ابنا كبيرا ، ولا صغيرا ، ولا اوسط ، فيتم صفعه ، على وجهه لوقفه عند حده ، من اجل سلامة البيت ، ومن في البيت ، ومن اجل ان يتعلم الانسان ، ان للبيت واهله كرامة ، وان لكل شيء حدا ، وان على البعض ان يعود الى جحره ، ويتركنا في حالنا ، في بلد اعطانا الكثير ، وتفضل علينا جميعا ، واكرمنا ، واقل واجبات بره ، ان لا نطيل اللسان عليه ، ولا على اهله ، كل اهله ، جميعا ، ولا نتنكر له تحت وطأة عصبية او جهوية او طائفية او اقليمية ، فماهي هذه الهشاشة التي تصيب عظام البعض ، عند كل نقطة تثار ، وهل كرامة البيت تسمح لاي واحد فينا التعامل معه باعتباره مصابا بهشاشة العظام؟.
يستحق الاردن ، اعتذارا من كل واحدا فينا ، اذ نخاف عليه بشدة ، ومن يعتبره مجرد حافلة ، يتركها ، لمصيرها سيدفع هو الثمن ، فيما سيسلم الله ، البلد ، ومن فيه من شر "حفنة" لا تزيد عن مئات الاشخاص ، سرقوا وكالته ، واشبعوه طعنا في ظهره ، تحت عناوين مختلفة.
ما خلف "الصمت" من قرارات يختلف عن اي مرة سابقة.
mtair@addustour.com.jo