كلام الملك

بذكاء بالغ وبين رفاق السلاح ، في الجيش الاردني العربي ، وضع الملك حدا لكل هذه "الترّهات" التي اغرقنا بها نفر قليل خلال الشهور الماضية ، حين انهكوا عصب البلد العام ، وبثوا فيه السموم ، والتوترات والمخاوف.
لم يكن اختيار الملك للجيش لقول كلامه البارحة ، صدفة ، فهو الجيش الذي يحظى باحترام الناس ، ولم تكن تلك صدفة ، ايضا ارتداء الملك للباس العسكري ، ففي الرسالة ، ما يفوق مفرداتها ، نحو معانيها ، وهو اذ يؤكد ان "الوحدة الوطنية" خط احمر ، يعرف ان الوحدة الداخلية ، هي سر استقرار الاردن ، واي لعب او مساس بها ، سيضر البلد ، ومن فيه ، والملك حين يصف المتنطحين للحديث عن ان هوية البلد مهددة وان الاردن مهدد ، بأنهم مخربون يسعون لبث الاشاعات الهدامة ، وان تخريبهم يفوق اي خطر خارجي ، لان هذا الحفر يجري في الداخل ، فهو يوصل رسالة اخيرة ، تحمل انذارا ، تجلى بمطالبته لمؤسسات الدولة بأن تتحمل مسؤولياتها ، وان لاتقف متفرجة امام هذه المحاولات.
لم يكن صمت الملك ، مجرد غياب ، وعدم قدرة على الحسم ، كان الملك طوال الفترة الماضية يعرف ادق التفاصيل ، ولربما وصلته معلومات حول الشلل والسهرات وتنظيم المواقف ، وتوزيع الادوار ، والنفخ ، والتشجيع من هذا او ذاك ، ودفع مبالغ مالية من جانب البعض ، واطالة اللسان على كل شيء ، و بث كل هذه السوداوية في البلد ، واثارة رعب الناس ، حول مستقبلهم وحياتهم ، والملك حين يقول انه لا يوجد بلد ضغط على الاردن بشأن موضوع اللاجئين ، بما في ذلك الولايات المتحدة ، فهو يكاشف الناس بالحقيقة ، الى درجة ان يقول انه لو تعرض الاردن الى ضغوط فسيتعامل معها ، بالطريقة المناسبة ، وبالوسائل المناسبة.
لهذه الدولة رأس واحد هو الملك عبدالله الثاني ، واي ادعاء بوكالته ، من جانب هذا او ذاك ، واستخدام الوكالة لادعاء التمثيل والوطنية ، بشكل زائف يبث القلق في نفوس الناس ، من جانب حفنة لا تتجاوز المائة شخص ، امر يجب ان ينتهي ، وحين كنا نتحدث عن ان الوحدة الوطنية ليست عنوانا ، وليست مجرد شعار ، او لون ، وان ما يزيد عن خمسمائة وخمسين الف حالة زواج بين ابناء الضفتين الشرقية والغربية ، تمت في الاردن ، باعتبارهم اردنيين ، ولو نتج عن هذه الزيجات اربعة ابناء في كل حالة في المتوسط ، وترك كل ارتباط اثرا ايجابيا اجتماعيا ، على ثلاث عائلات الى خمس عائلات ، من اقارب المتصاهرين ، لعرفنا ان الدم مختلط ، بين الستة ملايين مواطن ، وان الانسان لا يأكل نفسه ، ولا يهدر دمه ، ولا يهدد حاله ، فهي وحدة اقوى من تعريفات النخب ، ومن محاولات "حفنة" ان تهدمها ، خصوصا ، ان تاريخ هؤلاء كان تائها في مهن شتى ، وفي ميادين شتى ، قبل تنطحهم لاعتلاء المنابر ومحاولة قيادة الناس.
يكفي ان يقول الملك لمن لا يخجلون "كفى" وهي "كفى" تم ارفاقها بتحذير وطلب مباشر الى المؤسسات الرسمية ان لا تسكت بعد يومها هذا على كل من ينخر في عظم البلد.. وهي رسالة تشي باجراءات على الارض في وجه من يسعون لهدم حجارة البيت.. بذريعة اعادة البناء،،.
سكوت الملك لاسابيع ، لم يكن سكوتا عاديا ، وكلامه امس لم يكن كلاما عاديا ايضا ، و"ابو الاردنيين" هو الملك عبدالله لا.. غيره.
mtair@addustour.com.jo